أي القروض أجدى؟

اقتصادية 2020/11/22
...

ياسر المتولي 
 

في ظل الأوضاع الماليَّة المتذبذبة التي تمر بها البلاد تبعاً لتذبذب أسعار النفط نحو التراجع بسبب جائحة كورونا التي لا يعرف متى تنتهي، أي القروض المصرفيَّة أجدى؟ الاستهلاكية أم التنمويَّة؟
نوعان من القروض أطلقهما مصرفان حكوميان، هما الرافدين والرشيد، في وقت تسعى الحكومة ومن خلال ورقتها البيضاء والتي تحمل عنواناً لافتاً وكبيراً هو الإصلاح المالي، وهذا يعني أنَّ السياسة المالية للبلد هي صاحبة الشأن في تنفيذ هذا الجانب. فهل ترى وزارة المالية جدوى في هذه القروض خلال هذه الفترة الحرجة بالذات؟ تعالوا معي لنتعقب آثار هذه القروض (الاستهلاكيَّة) على واقع اقتصاد البلد ونتحرى عن هذه الآثار.
فالقرض الأول والبالغ 60 مليون دينار لشراء السيارات الفارهة بالتأكيد سيساعد على زيادة استيراد السيارات على نحو غير مسبوق؛ معنى ذلك سيزداد الطلب على العملة الأجنبية ويسهم في استنزاف جزءٍ منها.
أضف الى ما تقدم أنَّ أعداد السيارات التي في العراق تفوق الطاقة الاستيعابية للطرق المتهالكة أصلاً والتي بدت غير مستوعبة لها في مقابل ذلك الزحام الشديد الذي تسببه هذه الأعداد من السيارات والذي يستنزف الوقت المحدد للعمل بشكلٍ عام كي لا نقول الوظيفي لأنَّ الوقت ليس له قيمة حقيقيَّة في الوظائف العامة للأسف، وعدا ذلك الاستخدام الواسع لوقود السيارات وأثره في البيئة وتأثيره في الصحة العامة. وهناك تحدٍ آخر لهذه القروض سيقود الى مضاعفة المشكلات الاجتماعية كيف؟ بما أنَّ هذه القروض تصرف للموظفين الموطنة رواتبهم لدى هذه البنوك وتسديد هذه القروض يعتمد على الرواتب فكيف ستعالج مشكلة تأخر تسديد الأقساط والعراق يشكو من مشكلة توزيع الرواتب بين موظفيه بسبب الأزمة. كما تلوح الورقة الإصلاحية المالية أنَّ هناك توجهاً جاداً ولا محال نحو تخفيض الرواتب ولك أنْ تتصور حجم المشكلات التي سيواجهها الموظف في تنظيم ميزانيَّة الأسرة. كما أنَّ السيارات الفارهة مغرية فستدفع بالمراهقين من الأبناء للضغط على أولياء أمورهم لشرائها ولك أنْ تتصور حجم المشكلات المتوقعة. والقرض الثاني يتعلق بالزواج الثاني وما يتبعه من مشكلات اجتماعيَّة يؤثر في المستوى المعاشي، وهذا شأن آخر نشير إليه للتنبيه فقط. على أننا لسنا ضد أنْ يتمتع المواطن العراقي بسيارة فارهة ولا نستكثرها به ولا نحن ضد حل مشكلة اخواتنا العازبات والأرامل في هذا الوقت الحرج، وهنا سؤال يفرض نفسه هل لنا حاجة بزيادة حجم السكان في هذا الظرف المعقد؟  لنعود للشق الثاني والمتعلق بالقروض التنمويَّة فالجواب واضحٌ من عنوانه بأنه الأجدى اقتصادياً حتما، لأنها تخفف البطالة وتنوع المدخولات وتحافظ على العملة الصعبة. ولكنْ يقال للضرورة أحكام علينا كمواطنين وكحكومة استيعاب الدرس والمضي قدماً بالإصلاحات المالية الحقيقيَّة الى أنْ تنجلي هذه الأزمة، وعند ذاك أطلقوا العنان للقروض الاستهلاكية طبعاً بعد إصلاح الطرق وتوسيعها وتوفير السكن والمعاش اللائق بأكثر من زوجة.
أعتذر هذا واقع الحال ولكن مجرد رأي ولكم القرار.ـ