الشخصانيَّة في الانتخابات الأميركيَّة

آراء 2020/11/22
...

  كاظم الحسن
 
 
قد تكون الانتخابات الأميركية الأخيرة، هي الاكثر جدلا في تاريخها، لأنها افصحت عن وجود نزعات من التسلط والاستبداد في قلب المؤسسة الحاكمة، من خلال التشكيك بالنظام الانتخابي والقضائي من قبل ترامب وبعض من اعضاء الحزب الجمهوري، الى الحد الذي رفض فيها ترامب تسليم السلطة الى الفائز بالانتخابات جو بايدن بعد فوه بنسبة عالية من الاصوات، ورفضه الانتقال السلس للسلطة بين الطرفين، وهو ما يشكل ضربة غير مسبوقة للنظام الديمقراطي.
تشكل شخصية ترامب الغريبة الاطوار والمثيرة للجدل، صورة الحزب الجمهوري، التي اهتزت كثيرا، من خلال غطرسته وتعاليه، حتى على الرؤساء الذين سبقوه في الحكم، وهو لا يتوانى عن وصف الرئيس السابق اوباما بشتى النعوت، واصفاً سلفه الديموقراطي بأنّه كان رئيساً "سيّئاً" و "مروّعاً". وان "الرئيس أوباما لم يؤدّ عملاً.( وانه موجود هنا بسبب الرئيس أوباما وجو بايدن) . 
وفي كلمة أدلى بها الأربعاء قبل الماضي في المؤتمر الوطني العام للحزب الديمقراطي، انتقد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، الرئيس الحالي دونالد ترامب، بشأن عدد من القضايا بما في ذلك "قمع المتظاهرين وتشويه سمعة الصحافة الحرة وعدم الالتزام بالحقائق والعلم". 
كما اعتبر أوباما أنّ خلفه الجمهوري دونالد ترامب ("لم يأخذ أبداً" منصبه على محمل الجدّ، متّهماً إياه بالافتقار إلى المهارات اللازمة لقيادة أقوى دولة في العالم) . الحقيقة هذه السجالات ليست وليدة اليوم وان تصاعدت بسب الحمى الانتخابية، فهي تعود بالاصل الى الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الدول الكبرى1+ 5، وهو ما أثار حنق ترامب، وعده تخاذلا من قبل دولة عظمى امام دولة بحجم ايران، وهذا ما يفسر قوله إن وجوده في البيت الابيض هو بسبب اوباما نفسه، والمثير للاستغراب هو اتهام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مراراً منافسه الديمقراطي في البيت الأبيض جو بايدن، بارتكاب مخالفات في تعامله مع أوكرانيا والصين، عندما كان يشغل منصب نائب الرئيس، وهو ما ينفيه بايدن على الدوام، المفارقة ان جو بايدن لم يكن ليرشح نفسه للانتخابات، لولا وجود تراب وربما ان في الامر ما هو شخصي وماهو حزبي 
ووطني .
أي إنَّ الشخصانية في الانتخابات الاميركية، لعبت دورا مؤثرا وهو ما لم يكن يدور في خلد احدا، ولكن يمكن تفهم الامر على مستوى العالم من خلال صعود التيار الشعبوي مثل بوتين في روسيا،اردوغان في تركيا، وغيرها من دول العالم التي لا تمتلك أرثا ديمقراطيا او مؤسسات دستورية راسخة ومتجذرة على مستوى الدولة، من الطبيعي أن يظهر ما يسمى الحاكم الأوحد، الا أن دولة عريقة مثل اميركا، تولى رئاستها شخصية متهورة ونزقة ومستبدة، هذه انتكاسة للديمقرطية وارتداد الى عصر الـ (كابوني). افلام رعاة البقر تحمل هذه المواصفات، اذ يدخل أحدهم إلى الحانة (يحمل زوجا من المسدسات) يقتل الجميع، من دون اسباب واضحة وبعدها يخرج من ألحانة، فيقتل دجاجة مذعورة من وقع 
الرصاص .
(وبائع اللبلبي! ليست له علاقة بما يجري) وبعدها ينفخ في فوهة المسدس، كأنما أنجز مهمة ملحة، يذكر الكاتب حسن علوي في كتابه أسوار الطين، إنّ الطاغية المقبور صدام امر أحد جلاوزته بتصفية عراقي يعمل في منظمة التحرير الفلسطينية، وعندما سئل عن السبب قال ( لكي اغيظ ياسر عرفات ) تخيلوا كيف تكون ارواح الناس عندما يحكم الناس زعماء 
مجانين!.