محمد شريف أبو ميسم
منذ الصباح ونحن نسمع عن جمهورية الموز، وحين استهوتنا القراءة عرفنا انها استعارة للسخرية من البلدان الصغيرة، التي تحكمها الدكتاتوريات، والتي عادة ما تكون فيها الانتخابات مزورة وفاشلة. وان أول من صاغ هذا المصطلح هو الكاتب الأميركي الساخر "أوليفر هنري" اشارة الى هندوراس والدول التي تديرها مستعمرات زراعية أجنبية مقابل مردود مالي لحكوماتها، ومثلما وظف هذا المصطلح للانتقاص والازدراء، شاع استخدامه ليسبغ التبعية على الدول التي نالت استقلالها في القرن العشرين، جراء تأثير الشركات الخاصة في سياساتها، كما في بعض دول أميركا اللاتينية وبلدان شرق آسيا، وحين كتب الله لنا أن نشهد زمن العولمة، انقلبت الآية، فما من دولة لا تتحكم بها شركات العولمة الا وتوصف بالدولة المارقة، بينما تلبس كل الدول التابعة لمنظومة العولمة، حلة جمهورية الموز بكل فخر وبهاء، برغم مدن الصفيح المصحوبة بالجوع وبناطحات السحاب والطائرات الخاصة.
وقبل أن نتهم بالعداء للعولمة والديموقراطية، نورد هنا ما نقله لنا موقع DW الألماني، عن الفيلسوفة الأميركية سوزان نايمان مديرة منتدى آينشتاين في بوتسدام، وهي بصدد الحديث عن عالم كان يمكن أن يعاني برمته في حال فوز ترامب، ان "العولمة تعطينا الشعور بأن الديمقراطية لا تعمل بشكل جيد، ولا نعرف من يتحكم في مقاليد السلطة، ليس زعماء الدول من يتحكمون في العالم، بل كثير من السلطة في أيدي الشركات المتعددة الجنسيات في جميع أنحاء العالم".
وبشأن رفض "دونالد ترامب" قبول الهزيمة في الانتخابات ، يقول "جو بايدن" مستنكرا "إنه يبعث للعالم رسالة مروعة عن من نكون كدولة". الأمر الذي يدعونا للتذكير بما كتبناه في العام 2017 عن الكيفية التي استطاع بها هذا الترامب الوصول الى السلطة في انتخابات العام 2016 على الرغم من تقدم منافسته "هيلري كلنتون" بنحو مليوني صوت في الانتخابات؟. بينما ستتيح لنا مراجعة سياساته خلال الأربع سنوات الماضية، فرصة للتأمل في دوافع تصعيد الأحداث ومن كان يقف وراءها، وجعل العالم يتنفس الصعداء بخسارته، ويكاد الرجل أن يجن وهو يحاول الامساك بأدلة التزوير، التي تنزلق من بين يديه كلما قدم دعوة قضائية، بينما تولت كل الفضائيات قطع خطابه الأخير مرة واحدة، ووضعت علامة الكذب على تغريداته في تويتر وهو ما زال في موقع الرئاسة! ليتم الاعلان جهارا نهارا عن جمهورية الموز التي تترامى أطرافها على هذا الكوكب، وعن نية الشروع بمرحلة لينة بمجيء بايدن، لفتح باب الشراكة مع من لا يريد أن
يأكل الموز.