حديث، بلَّله المطر

آراء 2020/11/23
...

   عبدالزهرة محمد الهنداوي

فصل الشتاء، يغير ستراتيجياته من عام لآخر، ولم يعد ذلك الشتاء الذي درسناه في الصغر، البارد الممطر، يقابله صيف حار وجاف، فبرد الشتاء، لم يعد قاسيا تتفطر الأذن من شدته!، ولا مطره ذلك المطر، الذي تبقى فيه السماء اياما متتالية،تنزل ماءها مثل السيل، على الأرض، فتفيض الأنهار، وتمتلئ الوديان، وتسيل الغدران، ليعقبه ربيع مربع وصيف مثمر.
فمنذ عدة سنوات، اصبح العراق يعاني من تراجع واضح في معدلات الأمطار المتساقطة، ما ادى إلى تراجع مناسيب المياه في عمودي دجلة والفرات، وسائر الأنهار والبحيرات، وهذه الحال انعكست على الواقع الزراعي، فانحسرت المساحات المزروعة، في عموم البلاد، ولكن ومن جانب اخر، وعلى الرغم من حاجتنا الماسة، لكل قطرة ماء تجود بها  السماء، في ظل بغي جيراننا علينا، الذين قللوا كثيرا من حصصنا المائية في السنوات الأخيرة، أقول برغم هذه الحاجة، الا أن اوضاعنا تكون في أسوا حالها، عند هطول الأمطار.
فشتاء هذا العام، ورغم تأخر مجيئه وفق  الحسابات الفصلية، الا انه جاء وفي حقيبته، نية واضحة لتعويض تأخره، فعاجلنا بزخاتِ مطرٍ، أربكت حساباتِنا، وبللت أوراقَنا، وبعثرت افكارَنا، ففي اقل من نهار، غمرت المياهُ، شوارعَ العاصمة بغداد، والكثير من أخواتها المحافظات، ولو نظرنا إلى تلك الشوارع، لخُيّل إلينا، اننا ازاءَ انهار دائمة 
المياه!
نعم، نحن في احوج ما يكون لهذه المياه، ولكن، كيف ستكون حالنا، لو استمر الشتاء مطيرا؟. 
ماذا سنفعل، هل نكتفي بهجمات متبادلة، بين هذا الطرف وذاك، وكل يتهم الاخر بالتقصير؟ ام نذهب إلى إقامة مسابقة، بين المحافظات، وأي محافظة غرقت، وايها لم تغرق؟!
مشهد الفيضان، ليس جديدا، وسبق لبغداد، والمحافظات، ان طافت على مياه الأمطار لأكثر من مرة خلال السنوات الماضية، الا ان حلا جذريا لهذه المشكلة لم يتحقق، فما زالت الأمطار النازلة، ومهما كانت مستوياتها، تفوق الطاقة الاستيعابية، لشبكات التصريف، ولذلك فان المشهد سيتكرر كثيرا، ومع كل الثناء والتقدير لجهود طواقم امانة بغداد والبلديات، التي كانت وما زالت، تبذل جهودا استثنائية، وهي تصارع الفيضانات، وتحقق الكثير من الإنجازات في هذا المضمار، ولكن هذا ليس حلا مستداما، فالحل يكمن في إنشاء شبكات تصريف جديدة، تتناسب، والتوسع الكبير الذي شهدته العاصمة، والمحافظات، على المستويين السكاني والجغرافي، وهذا الأمر يحتاج إلى الكثير من التخصيصات المالية.
عدا ذلك ليس لنا الا ان نرفع اكفنا بالدعاء، عسى ان تقلع السماء ماءها، وتبلع الأرض ما نزل اليها، ونعيش بجفاف دائم!.