شمخي جبر
حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 تشرين الثاني في عام 1999 اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية لتنظيم فعاليات للتعريف بهذه المشكلة.
وقد عرف المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين 1995 العنف بأنه" أي عنف مرتبط بنوع الجنس، يسبب ضررا جسديا أو جنسيا أو نفسيا أو معاناة للمرأة، بما في ذلك التهديد بمثل تلك الأفعال، والحرمان من الحرية قسراً أو تعسفاً، سواء حدث ذلك في مكان عام أو في الحياة الخاصة، ويعرف (انتوني غدنز) العنف الأسري بأنه (السلوك العنيف الذي يمارسه احد أفراد الاسرة ضد عضو آخر في الاسرة نفسها، واخطر انواعه هو ما يقترف ضد الاناث).
وتترتب على العنف الممارس ضد المرأة كما يشير المختصون (آثار جسدية ونفسية وشعور المرأة بالخوف وانعدام الأمان والحد من إمكانية حصولها على الموارد، ومنعها من التمتع بحقوقها كإنسان وتعرقل مساهمتها في التنمية وتضخم الشعور بالذنب والخجل والانطواء والعزلة وفقدان الثقة بالنفس و احترام الذات).
وقد يبرز مفهوم اخر للعنف وهو التمييز ضد المرأة، وهو الخطوة الاولى نحو العنف، بل ربما هو العنف بعينه ويعرف التمييز ضد المرأة بأنه: أي تفرقة او استبعاد او تقييد يتم على اساس الجنس، وتكون من آثاره او اعراضه النيل من الاعتراف بالمرأة، وتمتعها بحريتها وبالحقوق والحريات الاساسية في الميادين كافة، سياسية واقتصادية ومدنية بصرف النظر عن حالتها الزوجية على قدم المساواة مع الرجل.
وتعد العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية من اهم الأطر الثقافية، التي تقدم سندا وتبريرا للعنف ضد النساء، فضلا عن القيم العشائرية وهو ما يمكن أن نطلق عليه الثقافة الذكورية، التي تعلي من شأن الرجل وتعامل المرأة بدونية واحتقار وتضعها في الدرجة الثانية من السلم الاجتماعي.
فتعرضت المرأة الى ظلم مضاعف او مزدوج، فمن جهة الظلم الذي وقع على الطبقات الدنيا وعلى المجتمع بأجمعه، ظلم اجتماعي واقتصادي وثقافي، ومن جهة اخرى ظلم مباشر من طرف الرجل ( الاب او الاخ او الزوج) بوصفه الامر الناهي والسيد المطاع.
وتتحدث منظمة الصحة العالمية عن آثار العنف واسبابه، فتذكر في واحد من تقاريرها (أن واحدة من كل 3 نساء (35 %) من النساء في أنحاء العالم كافة ممّن يتعرضن في حياتهن للعنف على يد شركائهن الحميميين، أو للعنف الجنسي على يد غير الشركاء، الكثير من هذا العنف، هو عنف الشريك. تفيد في المتوسط نسبة 30 % من النساء المرتبطات بعلاقة مع شريك بأنهن يتعرضن لشكل معين من أشكال العنف الجسدي أو الجنسي، على يد شركائهن في حياتهن في جميع انحاء العالم).
وفي 18 كانون الأول 1979 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو CEDAW"، وبقدر تعلق الامر بالمرأة العراقية، فما زالت تعاني العنف بأشكاله كافة، من دون قانون يحميها، فما زال مشروع القانون الذي اقترحته منظمات المجتمع المدني يرقد في أدراج مجلس النواب منذ العام 2012 ،هذا المشروع يتخذ شرعيته، استنادا الى المادة 29 من الدستور والتزاما بالاتفاقيات الدولية، التي وقع عليها العراق كاتفاقية (سيداو) والاعلان العالمي لحقوق الانسان.