توم وجيري

آراء 2020/11/24
...

   د. كريم شغيدل

 
ترى ما الذي تريده أميركا والغرب منا؟ فمنذ مطلع القرن العشرين وعلاقات الشرق بالغرب بين كرٍّ وفرِّ وكأنها لعبة القط والفأر، فمرة نحن شعوب خارج نطاق الدولة الحديثة، ومجتمعات بدائية لا بدَّ أن تستعمر، وتنخرط في إطار الحداثة والتحديث، وبعد غزو البلاد تنهب الثروات وينصب الملوك ونعود إلى طور القرون الوسطى، ومرة يمارسون أشد أنواع العنف مع شعوبنا، وفي الوقت ذاته يتحدثون عن حقوق إنسان، يشيعون مفاهيم الديمقراطية والمواطنة والعدالة والمساواة وفي الوقت ذاته ينصبون أسراً حاكمة ومشايخ وإمارات في دول نفطية، ويدعمون أنظمة انقلابية عسكرية دكتاتورية في دول أخرى، بعد ذلك تبدأ جولة جديدة لتحطيم الأنظمة الانقلابية بأنظمة راديكالية دينية عن طريق الانتخابات، ثم ينقضون عليها بدعم انقلابات عسكرية كما حدث في مصر، في الخليج يدعمون النظم الأسرية بينما في سوريا يدعمون جماعات تكفيرية مسلحة لقلب نظام الحكم، وفي العراق يتم إسقاط النظام الدكتاتوري لإحلال الديمقراطية، ومن ثم ترك البلد لقمة سائغة لدول الجوار، وساحة للصراعات، وتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، ودعم الإسلام السياسي بمختلف أنماطه، فضلاً عن انتهاز الفوضى فرصة سانحة للتخريب والفساد. 
إذا كانت أميركا والغرب قد حسما هوية الأنظمة الخليجية، وهي تمثل اليوم أنموذجاً مثالياً للتحالف، وحسما أمر مصر وتونس والمغرب والجزائر التي أوشكت يوماً ما أن تخضع لموجة الإسلام السياسي الراديكالي لولا العناية الغربية الأميركية التي ساعدت المنقلبين على نتائج الانتخابات، فإنها لم تحسم أمر دول أخرى ومنها ليبيا واليمن والعراق وسورية، رب قائل يقول وما دخل أميركا أو الغرب بذلك؟ وطبعاً لسنا بحاجة للاجتهاد في البحث عن جواب مقنع لمثل ذلك التساؤل، الواقع هو الذي يجيبنا.
بالكاد تحررنا من سطوة النظام القمعي الدكتاتوري، بقوة الغزو الأميركي طبعاً، لكن هل كانت أميركا عاجزة عن أن تفرض على حلفائها دعم النظام الديمقراطي الجديد في العراق؟ ووقف التدخلات؟ ألم تكن على دراية تامة بما كان يقدم من دعم للجماعات الإرهابية المسلحة التي أقلقت أمن البلاد؟ ألم تكن على علم بما يجري خلف الكواليس؟ أم أنهم لا يزالون يداعبون مصائرنا بلعبة توم وجيري؟!