الابتكار والمثابرة في تحقيق التنمية الاقتصاديَّة

اقتصادية 2020/11/24
...

علي الدفاعي 
 
لطالما اتهمت الصين في أعين العالم بتخلفها عن ركب الابتكار الغربي، وكان إنتاجها للبضائع موسوماً بالتقليد، لكن العقود القليلة الماضية شهدت على تغير الحال، وباتت اليوم مركزاً عالمياً والانتاجات المبتكرة، خصوصاً في مجال التكنولوجيا، واصبحت العديد من الشعوب بما فيها الغربية تستفاد منها. وتتغير يوماً بعد يوم نظرة المستهلك ومستوى قبوله لمنتجاتها، خصوصاً في عالمنا العربي الذي لطالما كانت الصين أحد أقدم شركاء أسواقه.
تغير حال الصين الذي يجب الافادة منه وغزا فكر وعمل مهندسيها بأعدادهم المهوولة أسواق العالم. وحققت إنجازات كبيرة على صعيد التحول الرقمي والابتكارات التقنية، وباتت مجتمعاتها أكثر ذكاءً واتصالاً في وقتنا الحالي، وشهدت الأعوام القليلة الماضية العديد من الإنجازات التي حققها العلماء والباحثون من استكشاف النجوم والفضاء إلى أعماق البحار، وصولاً إلى أبحاث الجسيمات الدقيقة، وتسهم الابتكارات الصينية اليوم في دعم مختلف دول العالم بما فيها دول منطقة الشرق الأوسط، بأحدث التقنيات مثل الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي – التي يعود الفضل إلى الصين في تطويرها وإطلاقها على المستوى العالمي - والتي تسهم في دفع عجلة التحول الرقمي وتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية في بلدان عالمنا العربي.
السر في ذلك يكمن في أنها تولي اهتماماً استثنائياً برعاية وإعداد جيل جديد واسع النطاق من المهندسين، وتركز على مجال البحث العلمي والتطوير كأولوية قصوى، باعتباره مصدراً أساسياً للابتكار ودوره في دعم مسيرة التنمية في البلاد، مما أسهم في تعزيز مكانة الصين كدولة رائدة في البحث العلمي على المستوى الدولي، حيث ترتقي في مقدمة دول العالم بمجال نشر الأبحاث العلمية، بنسبة تصل إلى 19.9 % من مجمل الأبحاث على المستوى الدولي تليها الولايات المتحدة بنسبة تبلغ 18.5 % . وكان لهذا الحجم الهائل من الأبحاث العديد من الآثار الإيجابية على قطاع الأعمال في الصين، والتي ما كانت لتتحقق لولا العامل الأهم المتمثل بمرجعية ثقافة الاجتهاد والمثابرة.
تجسد النجاحات التي حققتها العديد من الشركات الصينية مثل هواوي، الشركة الصينية التي وصلت للعالمية.
الحقيقة أنه في الوقت الحالي باتت جميع دول العالم بما فيها الولايات المتحدة - التي تشهد علاقاتها التجارية مع الصين خلافات كبيرة - تدرك قيمة ثقافة الصبر والمثابرة والتركيز على متطلبات العميل، التي تحلت الشركات الناجحة. بفضل هذه الثقافة التي تتجلى في العديد من الحكم والأقوال المأثورة مثل "لا تيأس فهناك الكثير من الوقت والفرص" و"ستنال ما تريد عندما تتحلى بالصبر"، الافادة من التجربة الصينية امر حتمي حيث ارتقت بمعايير الابتكار وتقدّم للعالم مثالاً يحتذى عن الجدّ والاجتهاد والعمل الدؤوب، الذي يثمر نجاحاً باهراً في النهاية، فهل سنستفيق وسيستفيق الغرب على الحقائق الراهنة ونعمل دفع عجلة الابتكار على أساس بناء مزيد من جسور التعاون والعمل المشترك، بدلا من تشييد مزيد من الجدران العازلة ووضع الحواجز على طريق الابتكار.
بينما لا يزال العالم في بدايات تبني تقنية الجيل الخامس .