عندما تتعطّل القيمة الستراتيجيّة للموارد

آراء 2020/11/25
...

   رزاق عداي

يطلع علينا بعض الساسة والمحللين بشتى اصنافهم، هذه الايام، التي نشهد فيها ازمة نوعية لم يألفها العراق من قبل، هي أزمة الرواتب، التي تمثل مؤشرا خطرا لمستوى الاداء الاقتصادي للبلاد، ويخبروننا، ألا نحزن، فان العراق ثري، وموارده عظيمة ومتنوعة وكأننا والمواطن العراقي البسيط لا نفقه ان العراق، يكاد يكون مكتمل الممكنات الاقتصادية والطبيعية، ولكن هنا ينبثق السؤال ما قيمة هذه الممكنات والميز النسبية العالية، ما لم تفعَل من خلال الخطط والبرامج الطموحة والجادة، وان تنفذ عمليا، بدلا من مسلسل خداع النفس بخطابات مؤجلة لا يعرف أوان تنفيذها.
منذ مطلع القرن العشرين، وربما قبله كانت انظارالدول الاستعمارية الطامعة تتوجه الى العراق، تميزا عن بلدان المنطقة الاخرى، ادراكا منها لما تتمتع به هذه الجغرافية من اهمية ستراتيجية بالغة، وموارد طبيعة واقتصادية 
مختلفة، وكان التسابق للسيطرة علية قويا بين دول المحور، متمثلا في المانيا التي شرعت قبل نشوب الحرب العالمية الاولى، والتي وصفت بالحرب الاستعمارية بذروتها القصوى الامبريالية، شرعت بتنفيذ مشروعها المسمى سكة بغداد -برلين، فالمانيا المارد الاقتصادي الاوروبي، الذي يتراكم فيه الانتاج السلعي، والمحروم من المستعمرات، خلافا لما تتمتع به أصغر بلدان اوروبا، صار العراق على رأس احلامها، لولا خسارتها في الحرب العالمية الاولى، مع انها ظلت 
طيلة الفترة ما بين الحربين العالميتين الاولى والثانية تغذي هذا الحلم وتحييه من دون 
جدوى.
الحقيقة لم يخلُ تاريخ العراق الحديث من مساع ومشاريع طموحة للنهوض بمكننات العراق واستثمار موارده، وبالاخص منها غير النفطية، 
فكان تلك المرة في مشروع مجلس الاعمار في العهد الملكي، الذي يعد من افضل ما مر على العراق من نهضة اقصادية حقيقية، في مطلع عام 1951، انطلق هذا المشروع تنفيذا لتوصيا ت بنك الاعمار الدولي بعد دراسات مستفيضة، واهم ما في تلك التوصيات والتي من الممكن أن تفيد العراق 
الراهن.
هو ان توضع كل مواد النفط العراقي في صندوق خاص، بينما يجري تمويل الخزينة العامة لاغراض الرواتب والاجور والتشغيل من مصادر اخرى زراعية وصناعية وضرائب وسياحة، توقف مشروع مجلس الاعمار بعد حين، رغم أن آثار نتائجه ظلت شاخصة وما زالت الموارد التي اراد تفعيلها معطلة 
لليوم.