جدوى الكتابة

آراء 2020/11/27
...

 حميد طارش
السؤال عن جدوى الكتابة، طالما شغل الفلاسفة والمفكرين بما تأخذه من جهد وماتسببه من ألم للكاتب، فضلا عن اشغال القراء بموضوعها، ويثار التساؤل، عندما تظل عتمة الواقع كما هي، رغم الاضواء التي يسلطها الكاتب، والجواب الغالب مع تأكيد جدوى الكتابة باعتبارها احدى وسائل التعبير عن الرأي، التي أكدها الخالق بقوله « وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ( وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، وهذا ما تبناه مفكرو البشرية وفلاسفتها لزرع الامل في حياة افضل.
كما ان الكتابة تلعب دورا مهما في النقد، الذي من دونه لا يمكن كشف الظلم واسباب التردي وتكوين الرأي العام، عن طريق التفاعل مع القراء وكل بحسب موقعه لتصحيح المسارات، لذلك كانت موضع قسم الخالق « وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ» فما أقدس الشيء عندما يكون محلا لقسم الله تعالى.
الكتابة بخلاف السكوت، الذي طالما تمناه الظالم والتاريخ يشهد على قوافل شهداء الكتابة، فالكتابة تصلح ما فسد ولو بعد حين وبحسب درجة وعي الشعوب وتفاعلها، وهذا ما حدث للدول المتقدمة، بعد ان كانت تعيش لوقت قريب دكتاتوريات وتخلفا مخيفا.
كما ان الكتابة تعمّق الاحساس وتظهر المخفي وتشكل الرؤية وتؤسس الموقف والتغيير في اساليب التفكير، واثارة التأمل الواعي للخلاص من الواقع المر، والكتابة تعيد صياغة الآمال والاحلام وسط الاوجاع والانكسارات وتدفع بانتصار الاولى على الثانية، وبالتأكيد المقصود بالكتابة هنا الكتابة الواعية الجادة المبدعة العقلانية الحرة البعيدة عن الخوف والكراهية واليأس، التي تجعل من القارئ شريكا للكاتب في الأمل والحلم، الكتابة يجب ان تكون موضوعية ترفض التحيز والتمييز والعقد الاجتماعية والنفاق، لإرضاء بعض الاتجاهات لمصالح شخصية. 
وهكذا تبدو جدوى الكتابة قائمة، طالما وجد القبح والظلم والفساد، فهي أي الكتابة نتاج أزمة يظل العقل رافضا ومقاوما لها، كما هي قد تكون متعة وانسا وثقافة، فتأتي شعرا او قصة او بأي شكل من اشكال الجمال الادبي، الذي ينعش نفوسنا التي أتعبها الألم.