العام والخاص في شؤون الناس

آراء 2020/12/01
...

 كاظم الحسن

كثيرا ما يحدث التباس واختلاط ، مابين ماهو عام وخاص وتصبح المفاهيم غامضة وضبابية، الى الحد الذي تضيع فيه الحدود والفواصل، بين الاتجاهين، مما يولد نوعا من التشويش والارباك في الرؤية، ولكي نجسد هذه المفاهيم على الواقع نحتاج الى بعض الأمثلة الملموسة والمتاحة في حياتنا، منها ما نعيشه اليوم، مع جائحة كورونا، فقد فشلت التدابير الصحية، التي اتخذتها الجهات المعنية، في الزام المواطنين على التقيد بها، ومنها ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي والتوقف عن اقامة التجمعات والاحتفالات، بكل انواعها، البعض يراها شأنا شخصيا وهو لا يعلم أن الضرر سوف يتسع، ليصيب الكل ولا يقتصر الامر على الجانب الصحي، بل يتعدى الى الممارسات الاجتماعية، ومنها نرى ما يحدث في التعامل مع نظام اشارات المرور، حيث التسابق من قبل السائقين على خرق هذا النظام العالمي الذي يؤمن العدالة للجميع، والشيء نفسه، يحدث مع السابلة اوالمارة، الذين لا يقيمون اي اعتبار الى اشارات المرور، بل البعض يتباهى بالمخالفات المرورية، وحين تواجهه بالامر يقول لك،( بكيفي) او انت (شعليك) (ظلت علي )وكأنها قضية شخصية وليست عامة، وحتى هدر المال العام او الرشوة، البعض يعده امرا شخصيا ولا يحق للغير انتقاده او محاسبته، في حين نرى هناك في الامثال الشعبية من ينتقد ما هو خاص وطبيعي مثل ( البس ما يعجب الناس واكل مايعجبك ) وهل يحتاج الانسان الى موافقة من الناس على نوع فطوره او نوع وشكل الملابس التي يرتديها؟ .هل ثمة تناقض اكثر من هذا ؟،  بل البعض لايكف او يمل عن اثارة الكثير من الاسئلة الشخصية، وانت لاتعرفه، مثل( انت من ياعمام، هل متزوج ام لا، كم عدد اطفالك لماذا لاتهاجر؟) وحين تقول له هذه خصوصية يتصور انها سيارة خصوص، وتأخذه على ما يفهم وتقول نعم السيارة الخصوصي لايستقلها الاغراب، اقارب السائق فقط او من يعرفهم ؟
والامر كذلك في الاسئلة الخاصة، فهي توجه حصريا من قبل ذوي الشخص المعني بالسؤال، وهذه الحال تندرج ضمن ثقافة جمعية، ولا تقتصر على البعض، ربما نحن اكثر انشغالا بالسياسة من بقية العالم! وقد يقول قائل إن السياسة هي من تطرق أبوابنا وليس العكس،   ولو سلمنا بالامر وهو احتمال قائم في انها فرضت علينا قسريا.
هذا لا يعني ليس هناك استعداد لدينا للخوض في السياسة في اي وقت ومن دون اي مناسبة تذكر، وفي جانب منه اننا نفتقد الجانب الخاص في الحياة، ولذا يكاد ان هناك لدى البعض انغماسا مفرطا في العمل، مع انعدام الجانب الخاص في الحياة، وهذا بدوره يؤدي الى انعدام التماسك الاسري، الحياة بطبيعتها حتى يتوازن فيها العام والخاص لكي تأخذ سياقها الطبيعي، لا بد من وجود الاضداد.