تعددية وقبول الاختلاف

آراء 2020/12/01
...

   شمخي جبر
علينا أن نعترف بأننا وقعنا تحت تأثير ثقافة العنف والاستبداد  شئنا ام أبينا فأثرت في سلوكنا من حيث نعلم او لا نعلم وشكلت ترسيمة أذهاننا وطريقة تفكيرنا ؛ فأصبحنا في الكثير من مواقفنا لا نحترم الاخر ؛ فنعتقد جازمين بأن رأينا فقط هو الصحيح، ولا حق للآخر في إبداء رأيه ؛ مما يشكل خطرا كبيرا على حياتنا بأكملها والسياسية منها بوجه خاص.
لهذا يدعو العقلاء منا الى اعادة تأهيل عقولنا وطريقة تفكيرنا، لمواجهة استحقاقات الواقع ومواجهة تناقضاته ومشكلاته بعقول منفتحة متحررة من الاحكام المسبقة.
اشد ما يتعرض له المواطن هو الاقصاء والتهميش وهو ما يشكل استهدافا لمواطنته وثلما لحقوقه وخللا في هويته الوطنية وتشكيكا بانتمائه الوطني .وقد ينتج عن الإقصاء صراع اجتماعي وسياسي او ديني وطائفي او قومي لأنه ينفي الاخر ولا يعترف به متجاهلا مواطنته، وهذا اشد الاخطار التي يتعرض لها السلم الاجتماعي وبنية النسيج الاجتماعي ووحدته.
ولاننا ابناء اللحظة العراقية بكل تناقضاتها واشتباكاتها ، وتنوعها، علينا ان نتفق على أن أياً منا حين يطرح رأيا معينا فهذا الرأي ليس  فتوى او نصا دينيا او ايديولوجيا { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه }، بل هو مجرد رأي قابل للرد والمناقشة والتعديل .
وكثيرا ما نتراجع عن ارائنا التي نطرحها بعد أن نكتشف خطأها وخطلها لأننا لسنا حزبيين تحاصرنا الايديولوجيا فتخنقنا فلا نتنفس إلا برئتها .
الديمقراطيون مدنيون يحترمون جميع الاراء ، حتى تلك التي تتقاطع مع آرائهم ، ويسعون لتحقيق اهدافهم وتحديد اولوياتهم بالحوار وتبادل الاراء .
والديمقراطيون يرفضون الواحدية في الفكر والتفكير لان (الإنسان الذي يعتقد بانه يمتلك الحقيقة المطلقة هو إنسان شديد الخطر لأنه يرفض الحوار مع الآخرين ولا يأخذ بعين الاعتبار حقائقهم وعقائدهم وبالتالي حرياتهم على ضوء الشك بحقيقته هو).
والايديولوجيون تحاصرهم فكرتهم فتخنقهم ، لأنهم لا يرون قبالتها أية حقيقة لأنها حقيقتهم الوحيدة ، اما الديمقراطيون فحقيقتهم الوحيدة هي الواقع  ووقائعه وحقائقه الثقافية والاجتماعية التي لا يمكن القفز عليها او تجاهلها.
التعدديون لا يحملون معاول لأنهم يستخدمون آلياتهم السلمية البيضاء التي تشبه حريتهم التي يسعون نحوها.يرفضون معاول الايديولوجيين وبنادق وكواتم الارهابيين والعنفيين .جميع هؤلاء موتى (الايديولوجيون والعنفيون ) وهم سيتساقطون، لانهم لا يستطيعون صناعة الحياة ، الاحياء وحدهم يصنعونها. من يتنفس برئة الحرية ليس كمن يتنفس برئة الايديولوجيا ، فالأول حي والثاني ميت .