ــ للكتابة في جميع مناحيها منطقة مؤثرة تعكس تحولات الواقع وتستشرف الآتي، وللكاتب زاوية نظره في التقاط هذه التحولات وصهر مكوناتها في مختبره وبالتالي يضع على مائدتنا طبقا شهيا من زاد الكلام. و» تغريدة الأربعاء» هي العمود الذي كان يكتبه الشاعر الراحل « ابراهيم الخياط» على صفحات جريدة» طريق الشعب» للسنوات الماضية، وبالتفاتة انسانية وثقافية دأب كل من الشاعر والناقد ( حامد عبد الحسين حميدي ) والشاعر والروائي ( أحمد شمس )، بجمع وإعداد هذه المقالات الصحفية « التغريدات» في كتاب صدر حديثا عن مطبوعات اتحاد ادباء وكتاب ميسان 2020.ضم الكتاب الذي تم جمعه واعداده ومراجعته على « 257» تغريدة تناولت موضوعات شتى، دونها الراحل الخياط كموقف فكري عبر قراءته المشهد العراقي سياسيا وثقافيا واجتماعيا، عبر التقاطات كتابية لها من الاختزال ما لا يرهق القارئ، وفيها من التسجيلية الكثير في توجيه خطابها الثقافي الى قارئ نبهٍ، متفاعل مع سرعة الالتقاطة ونجاعة فكرتها. مواقف وأحداث بعضها يومي وبعضها الآخر مستخلص من التاريخ البعيد والقريب، كتبها الراحل الخياط بحس عفوي، وما اختار من الكلام لإيصاله، حاملة جمله قدرتها التفاعلية مع آخر هناك، بأقرب صورة وأعمق معنى، تغريدة هي صوغ الفكرة ومن ثم إيصالها بأبسط حمولة « معرفية» وبلغة تفاعلية لها جمهورها الحاضر المتفرج على الساحة العراقية ومنعطفاتها، تغريدات كتبت في عصر رقمي ذاهب الى تخوم لا حد لها في استباق الجديد ومتغيرات العصر. لذا جاءت هذه التغريدات بلغة صحفية سلسة، حاملة وجعا عراقيا خالصا، عكست روح الكاتب وهو الرائي مشهدية الخيبات والتداعيات العراقية بثوبها « السياسي» وهي تتفاقم يوما بعد يوم، عبر لغة حملت جدية المعلومة مع قصدية التعبير مع روح الفكاهة بكوميديا سوداء بلغة أهل المسرح!. جاءت التغريدة الواحدة، بمساحة تحقق هدفها المنشود في إيصال ما تريد من حمولات دلالية، عبر الرصد الحصيف والأسلوب الصحفي ونكهته النقدية اللاذعة، حاملة معالجاتها لما هو يومي وكشف المتطامن فيه وكمية الدم الفاسد في أوردته، كل هذا جاء بلغة مبسطة، حافظت على توترها في ايصال خطابها الى أبعد من هدف وأكثر من متلقٍ. كتاب « تغريدة الأربعاء» متن لالتقاطات عراقية بامتياز، شغف الراحل « ابراهيم الخياط» بتدوينها وجعا ممزوجاً بدهشة ساخرة، انضوت في متن جميل، سجل وفاءه جمعاً وإعدادا وتحريراً اعضاء الهيئة الإدارية لاتحاد إدباء وكتاب ميسان، في التفاتة لتدوين وحفظ المنجز الأدبي العراقي وبعث روح الخلود في هذا النتاج الإبداعي الثر.