الماليَّة تستجيب!

اقتصادية 2020/12/05
...

ياسر المتولي 
 
واحد من المآخذ على الورقة الإصلاحيَّة البيضاء كنا قد شخصناه هنا في هذه الزاوية من جريدة الصباح قبل قرابة أسبوعين هو خلو الورقة من أي رأي أو مناقشة من قبل الجهات المستهدفة بالإصلاح قبل إقرارها.
وأقصد بالجهات المستهدفة؛ أي التي سيطالها الإصلاح، سواء كانت تنفيذيَّة أو مستفيدة؛ أي عدم مشاركة أصحاب المصلحة مع هذا الإصلاح، إذ كان لا بُدَّ من إشباع الورقة نقاشاً على الملأ وقد حمل عمودنا السابق عنوان (تقويم الورقة البيضاء) وكعادتها الصباح تعرض مزايا وعيوب أي قرار أو تشريع وتترك الباب مفتوحاً للنقاش والاستنتاج وإبداء الرأي بعد عرض مزايا هذه الورقة بعمودٍ سابقٍ حمل عنوان (الورقة المملوءة).
الآن وعلى ما يبدو إنَّ وزارة الماليَّة قد استجابت لتشخيصنا بضرورة إغناء الورقة نقاشاً، فبادرت الى دعوتنا باستضافة إحدى أهم ركائز ودعائم التنمية الاقتصاديَّة في البلد ألا وهو القطاع المصرفي، مستدركة لسماع وجهات نظره والاطلاع على قدراته التنفيذيَّة والتحديات التي يواجهها بهدف تعديل وتخفيف متطلبات الإصلاح.
حسناً فعلت وزارة الماليَّة باستدراكها للأمر، على أنْ تأخذ بنظر الاعتبار الملاحظات المطروحة من قبل المصارف الخاصَّة بهدف تذليل التحديات عبر إجرا ء التعديلات على الورقة أو الإضافات الضروريَّة لتكتمل الصورة لدى طرفي المعادلة (الورقة الإصلاحيَّة وإدارات تنفيذها بنجاح)، إذنْ حسناً فعلت المالية ولوجاء إجراؤها متأخراً ولكنْ جاء مهماً وعقلانياً في الاستجابة وهكذا يكون الإصلاح ناجحاً مقدماً.
مشكلتنا نحن المحللين والمتابعين أننا نشخص التحديات بناءً على اطلاعنا على القرارات مقرة وليس قبل إقرارها فنحتاج الى عرض النقاشات التي دارت خلف الكواليس والمقترحات التي طرحت لكي نتابع في تحليلاتنا النتائج المتوخاة عن هذا القرار وذلك التشريع، ولكننا ما زلنا نقرأ الخبر المقتضب الذي يصدر عن مكتب الوزير أو مجلس الوزراء أو أي جهة من دون الاطلاع على حيثياته.
وهنا نلفت الى ضرورة اعتماد الشفافيَّة والإفصاح والمكاشفة لأي تحدٍ أو قرار أو إجراء إصلاحي بهدف التشاور لإيجاد أنجع الحلول وإبداء الآراء الصائبة وتصحيح مسار القرار قبل تمريره وبذلك نكون قد حققنا إصلاحات متكاملة لا لبس فيها ولا غبار عليها أو صعوبة بتنفيذها، وعليه لا بُدَّ من أنْ تقوم وزارة الماليَّة وهي صاحبة الشأن بالورقة الإصلاحيَّة الحكوميَّة بمبادرات لاحقة من خلال دعوة أغلب وأهم القطاعات والحلقات الاقتصادية ذات الصلة لمناقشتها والاستماع الى وجهات نظرها.
وأقترحُ أنْ يتمَّ عرضُ ملخصٍ لما يدور من نقاشات مهمَّة تصبُّ في تصحيح مسار الورقة أو القرارات أو الإجراءات بهدف تخطي عقبات التنفيذ ويعرض هذا الإيجاز على القنوات الفضائيَّة بهدف الإفادة والخروج من مأزق النقد والرفع والكبس غير المفيد ونقطع الطريق عن التحليلات والانتقادات غير البناءة.وهنا تكمن فائدة استجابة وزارة المالية لدعواتنا بمشاركة أصحاب المصلحة بمناقشة الإصلاحات قبل إقرارها.
بانتظار المزيد من المناقشات لنرى كيف تسير عملية الإصلاح المقترحة وللحديث بقية.