كيف ارغمت الجائحة الكتّاب على تغيير مؤلفاتهم؟

ثقافة 2020/12/06
...

  أليسون فلود
  ترجمة: ليندا أدور
ناهيك عن القصص التي تُكتب الآن عن الإغلاق في زمن كورونا، يعكف المؤلفون على إعادة كتابة مشاريعهم الحالية لتعكس عالما انقلب رأسا على عقب بسبب الجائحة، او ربما وضعها على الرف الى أجل غير مسمى. فخلال فترة بلوغ الفيروس ذروة انتشاره، حظي توم واتسون، نائب رئيس حزب العمال السابق، بحظر صحي حافل، فبعد توقيعه عقدا لكتابة رواية سياسية مثيرة بعنوان «المجلس»، بمشاركة إيموجن روبرتسون في تأليفها، قام كلاهما، سريعا، بإعادة صياغة روايتهما لتعكس عالم ما بعد كورونا. وقد تضمن الإعداد للرواية الكتابة بصيغة المستقبل القريب عن استبيان عام حول «ما يجري بعيدا عن الأنظار»، اذ اختار الشخوص، عندما يلتقون في مناسبة اجتماعية، «ألا يشربوا في أقداح ويمسحوا القناني قبل ذلك»، الى جانب خضوعهم لفحص درجة الحرارة قبل دخولهم الأماكن العامة، «التي اعتاد عليها الجميع وقتذاك»، والحديث لواتسون.
 
فيل في الغرفة
في تصورهم للمستقبل، كان على كل من واتسون وروبرتسون أن يقررا ان كان هناك لقاح قادم سيهزم الفيروس. يقول واتسون: «لم نتأكد ان كان سيتوفر لقاح أم لا, وإن حدث، فلن يكون الناس بمأمن في المستقبل القريب، فلن يكون عالم ما بعد الحضارة بائسا، بل نحن في عالم غريب قليلا، اذ الأشياء مختلفة، لكن ليس تماماً». ففي الوقت الذي كان هناك الكثير من التصريحات عن روايات بدأ الإعداد لها، عن قصد، خلال فترة الحظر الذي عاشته اجزاء كبيرة من العالم، كاقتناص شركة آفون للكتب لرواية «حب في الحظر»، عن جارين يلتقيان عبر شرفتيهما، وحصول دار نشر هودر وستوكتون على رواية «ابق في المنزل»، والتي تدور عن زوجة تكسر قيود الحظر لتعثر على حبيبها مقتولا في غرفة معيشته، كان الكثير من الكتّاب في القارب مع واتسون وروبرتسون نفسه، يجرون التغييرات والتعديلات لكي تعكس الوضع الراهن، بدلا من إحداث تغييرات كبرى على الحبكة او شخصياتها.
تقول هولي وات، الفائزة بجائزة إيان فليمنع ستيل داغر للعام 2019 عن روايتها «إلى الأسود»، «أجد من الصعوبة للغاية معرفة ما يجب القيام به»، اذ تعمل على روايتها المقبلة وهي الثالثة ضمن سلسلة الصحفية الاستقصائية «كيسي بيندكت» والتي من المؤمل نشرها خلال صيف العام 2021. تتساءل وات: «أحاول معرفة ما سنكون عليه، هل سيكون هناك لقاح؟ هل سيكون ركوب الطائرة ينطوي على مفارقة تاريخية؟ هل سيغدو عمل الصحفيين في مكاتبهم أمرا غريبا؟ كيف سيكون الكتاب مثيرا بالفعل عندما يكون الجميع جالسين في غرفة المعيشة وهم يرتدون «البيجاما»؟, مضيفة «من الغريب بمكان أن تكتب عن أناس يتقافزون على القطارات او يذهبون الى الحانات، لكن تركيز الحديث عن «كوفيد - 19» سيجعل منها تاريخا بشكل مخيف، وإن لم تأت على ذكره، سيكون ذلك هو «الفيل الضخم في الغرفة» (عبارة انكليزية مجازية تعني حقيقة واضحة يتم تجاهلها او عدم معالجتها أو وجود مشكلة أو خطر حقيقي حاصل ولا أحد يرغب بالحديث عنه- ويكيبيديا).
 
معضلة فريدة
اتخذ العديد من المؤلفين قرارا بتحويل رواياتهم الى صيغة الماضي القريب لتجنب موضوع الجائحة بشكل كامل، فقد اتفقت الروائية الرومانسية، رومي سمر، التي كانت تكتب رواية رومانسية معاصرة تجري أحداثها في كروم توسكان، مع محررها على تعليقها الى حين استقرار الأوضاع في ايطاليا، بقولها: «قد أكتبها بالزمن الماضي، وربما أدرج كورونا حالما تنتهي الأمور على خير، إذ لا يمكن تحديد ذلك حاليا».
أما جيني أوبرايان، الممرضة التي نشرت لها رواية الإثارة «صرخة صامتة» وهي الأولى ضمن سلسلة بوليسية، تفكر في إيقاف السلسلة التي بدأتها منذ مطلع هذا العام، حتى يتم تحديد  تاريخ مستقبلي غير معلوم حتى الآن. تقول أوبرايان: «أعتقد ان التحقيق بجريمة في ظل قوانين الحظر التي كانت سائدة، سيكون مهمة ضخمة تتضمن التخلي عن كل أنواع الصعوبات التي لا يمكن تخيلها، والتي أشك انها ستكون مثيرة للاهتمام لقراءتها». يواجه كتّاب آخرون، يعملون على كتابة روايات تتحدث عن المرض، معضلة فريدة، ومنهم ليزلي كيلي، مؤلفة  سلسلة «صحة الغرباء» التي بدأتها قبل نحو خمس سنوات، والتي تدور عن وباء يشبه» كوفيد -19  «، ورؤيتها لواقع يعكس خيالها، وقد ارغمت على إعادة تقييم مستقبل كتاباتها. تقول كيلي: «عندما بدأت الكتابة جعلت كل شيء مرتبطا بالاستجابة الحكومية والمجتمعية للفيروس، أما اليوم، فقد أصبح كل قرائي المحتملين  خبراء نظريين في مجال الاستجابة للجائحة».
 
الفضيلة من الضرورة
أما الكاتبة كلير فولر، الحائزة على جائزة دزموند اليوت، فقد كتبت 15 الف كلمة من روايتها الخامسة، والتي كانت، حتى وقت قريب، تتحدث بصيغة زمن المستقبل القريب وتدور عن المرض، فقد وجدت الحل بأن تجعل أحداث الرواية تقع في العام 2020 مع واقع مختلف قليلا، لكن مع مرض آخر بديل عن كورونا. غير ان بعض المؤلفين صنعوا الفضيلة من الضرورة، فقد غيرت الكاتبة سوزي كي كوين، عنوان روايتها التي كانت تكتبها عندما تفشى الوباء، لتصبح «فيروس الأم السيئة» بدلا من «زواج الأم السيئة»، وأطلقتها بحلول نهاية ايار الماضي، رافق ذلك اعلانها بأن ريع بيع الرواية سيذهب الى الأبحاث عن لقاح كورونا وصناديق تمويل الرعاية الصحية. أما الكاتبة فيونا وودفيلد، مؤلفة الرواية الرومانسية «حب في الحظر»، باسمها المستعار كلوي جيمس، فقد واجهت تحديا فريدا يتمثل بتحويل حدة الأزمة الى قصة ايجابية في نهاية المطاف، و كيف يمكن للحب أن يجد له مخرجا على الدوام، حتى في زمن الجائحة. تقول وودفيلد: «في البداية، كان من السهل أن نأمل انه بإمكاننا تجاهل الوباء وندفن أنفسنا داخل رواية رومانسية بعيدا عن واقع الوضع المروع»، مضيفة «لكن يبدو أن التباعد الاجتماعي هذا سيبقى معنا لوقت ليس بالقصير، وسيكون الناس بحاجة لقراءة روايات ارتباطية تتحدث عن زمن مربك وأوقات حجر محتملة، لذلك اتمنى ان أمنح البعض شعورا أقل بالوحدة، وشعورا بالأمل بأن الحب والمشاركة والإحسان سينتصرون على الدوام».
*صحيفة الغارديان البريطانية