د. كريم شغيدل
ونحن نترقب إطلالة السنة الجديدة نرنو إلى منتصف شهورها، تحديداً اليوم الموعود لإجراء الانتخابات المبكرة، كثيرون من الطبقة السياسية غير مقتنعين بالأمر، بعضهم أكد استحالة إقامتها قبل نهاية السنة المقبلة، سأفترض أنها ستقام في موعدها الذي أعلنه دولة رئيس الوزراء، ونرجو ذلك لعل نافذة أمل تنفتح لهواء المستقبل، سنترك جانباً قضية مجلس المفوضين الذين هم بالضرورة نتاج المحاصصة، وسنترك قضية التعيينات الأخيرة لموظفي المفوضية، كما سنغض الطرف عن المركز الوطني المؤلف من ثلاثة آلاف موظف، نصفهم يمثلون كتلة معينة ونصفهم الآخر موزع بين الكتل الأخرى، وهم المسؤولون عن توزيع الأصوات بحسب القوائم التي يزودهم بها رؤساء الكتل، وسأتخلى عن الحديث بشأن قانون الانتخابات وما يشوبه من منافذ لإعادة الغلبة للماسكين بالأرض أنفسهم، وسأتجاوز الحديث عن القوانين التي ينبغي أن تقر ويفترض أن تكون الدولة مسؤولة عن تنفيذها، وعلى رأسها قانون تشكيل الأحزاب الذي يتضمن بالضرورة معرفة جهات التمويل، وعدد الأعضاء، وإلغاء الصبغات العرقية والطائفية والدينية والمناطقية، وإلغاء الأجنحة العسكرية والميليشيات.. إلخ، كذلك قانون الخدمة الاتحادي الذي قد.. أقول قد يحد من هيمنة الأحزاب على مؤسسات الدولة ويخفف من استئثارها بالدرجات الوظيفية، وقانون النفط والغاز الذي قد يحصر ثروة البلد بيد الدولة، ويسهم بوقف عمليات التهريب وغير ذلك مما له علاقة بتفرد الكتل السياسية بمقدرات البلاد وحرمان الطبقات المستقلة من الكفاءات والخبرات من أبناء العراق من الأغلبية المغلوبة على أمرها.
سأترك كل شيء وأفترض أن تلك الأغلبية من المواطنين المستقلين شكلوا حزباً أو كتلة وهي لا تمتلك منصباً واحداً، ولا برلمانياً، ولا وزيراً، ولا مستشاراً، ولا ميليشيا، ولا جناحا عسكريا، وليس لها ارتباط لا بدولة عربية أو أجنبية لها مصالح ونفوذ في العراق، وليس لها رصيد مالي، ولا بنك، ولا علاقة لها بتهريب النفط أو سوق العملة، ولا تمتلك رموزاً مقدسة ولا خطاً أحمر، ولا مفوضاً أو حتى موظفاً في مفوضية الانتخابات ومؤسساتها الملحقة، مجرد فرضية، هل تستطيع هذه الكتلة، مهما اتسعت قاعدتها أن تنافس من يمتلكون المال والسلطة والسلاح ويمسكون بالأرض؟.