الخيارات الصعبة

اقتصادية 2020/12/17
...

د. باسم الابراهيمي
 
شهدت الايام الماضية تذبذبا كبيرا في سعر صرف الدينار العراقي امام الدولار الاميركي، حيث وصل الى حدود (130) الف دينار مقابل كل مئة دولار، وهذا الامر جاء بعد انتشار اخبار مفادها بنية الحكومة بتخفيض سعر صرف الدينار العراقي لمواجهة استحقاقاتها الاقتصادية المستقبلية، لاسيما بعد مراجعة المعطيات الاقتصادية الخاصة بسعر برميل النفط المتأرجح حول (50) دولارا للبرميل، في مقابل التزامات النفقات الحاكمة، التي يصعب على الحكومة اعادة هيكلتها بما يحقق التوازن والاستدامة المالية، وبالتالي باتت الخيارات المتاحة امام الادارة الاقتصادية صعبة للغاية.
ان انخفاض الايرادات النفطية خلال العام الحالي نتيجة تراجع اسعار النفط، فضلا عن استمرار النفقات الجارية عند حدودها السابقة، قاد المالية العامة الى خيارات الاستدانة الداخلية وهو الخيار الوحيد (القصير الاجل)، الذي اتيح لها خلال مواجهة الازمة المالية، الامر الذي زاد حجم الدين العام الداخلي خلال هذا العام بنحو (25) ترليون دينار.
وفي المقابل انعكس ذلك على الطلب على العملة الاجنبية لتغطية الاستيرادات وبالتالي على حجم الاحتياطيات الاجنبية، التي انخفضت بنسبة (17 بالمئة) تقريبا، لاسيما مع انخفاض حجم مبيعات وزارة المالية من العملة الاجنبية الى البنك المركزي. امام ذلك لم يتبق الكثير من الخيارت المالية امام الادارة الاقتصادية، سوى تخفيض النفقات الجارية وتحديدا الرواتب وهذه تواجه بكوابح سياسية، او تخفيض سعر الصرف.
هذه الخيارات ينبغي حسمها وبشكل سريع من اجل بناء موازنة العام 2021 والا فان الامور قد تتجه الى سيناريو مصر او لبنان، وهذا الامر تبعاته كبيرة جدا، ولذلك فان القبول بأحد هذين الخيارين على الرغم من اثارهما الصعبة، الا انهما افضل من الذهاب الى نتائج البقاء على الوضع الحالي، بالمقابل فان معززات الوضع المالي الخاصة بالسياسة المالية من الموارد غير النفطية، ينبغي العمل عليها وبكل جدية والا فان الموثوقية بالاجراءات الحكومية، ستصل الى مديات يصعب علاجها، وهذا الامر سيؤثر مستقبلا في عملية الاصلاح برمتها.
قبل سنوات من الان كنت قد كتبت عمودا تحدثت فيه عما اسميته بالأخطاء الاقتصادية الثلاثة للحاكم المدني بريمر والتي حددتها في (رفع سعر الصرف، والغاء الجدران الجمركية، ورفع سلم الرواتب بشكل مفاجئ وكبير)، يبدو أننا الآن أمام حتمية اصلاح هذه الاخطاء (او بعضها) وهذا ما أثار موجة تغيرات سعر الصرف.