إياد مهدي عباس
بعد التطور الهائل الذي شهده العالم وخصوصا الدول التي امتلكت ناصية العلم والتقدم وهي تخطو خطوات سريعة في جميع المجالات وعلى الاصعدة كافة، ومن بينها المجال الالكتروني وهيمنتها على الشبكة العنكبوتية للانترنت وقيامها باعمال قرصنة الكترونية لبعض الدول وخصوصا الدول التي مازالت متخلفة عن ركب التطور العالمي وغير قادرة على التصدي لمثل هكذا مخاطر الكترونية حتى صارت هذه الدول ضحية لحروب من نوع خاص لا يمكن تصور ابعادها وكيفية حدوثها ولا حجم الدمار الذي تسببه وهي الحروب (السيبرانية) والتي تعني صدور افعال عدوانية من اجهزة الحواسيب والشبكات الالكترونية لدولة ما على اجهزة وشبكات الكترونية لدولة اخرى بهدف تدميرها او سرقت بياناتها.
وهذا النوع من الحروب تتبناها دول متقدمة عُرفت بنشاطها التجسسي والتدخل في خصوصيات الدول والافراد وفي طليعتها الولايات المتحدة الاميركية والكيان الصهيوني وكذلك المنظمات الارهابية المتطرفة، وهذه الحروب ذات طابع الكتروني بحت وابطالها جنود وقراصنة سيبرانيون مدربون ولهم القدرة والكفاءة العالية علي سبر أغوار الشبكة العنكبوتية للانترنت والوصول الى (سيرفرات) اجهزة الخصم والتحكم بها عن بعد وخوض حروب (سايبر الكترونية) من دون سماع دوي لمدافع او قصف لطائرات او تحريك لقطعات عسكرية بل هي حروب خفية بلا دماء لايشعر بها حتى الطرف الذي يكون هدفا لها إلا بعد فوات الأوان، وادوات هذه الحرب هي الطاقة الكهرومغناطيسية وقدرة التحكم بالطيف الكهرومغناطيس والوصول الى البيانات عبر الانظمة الشبكية والبنى التحتية المرتبطبة بها والقيام بتدميرها او تغيير مسارها ثم التحكم بها، ويكون من الصعب جدا تحديد الجهة او الدولة التي قامت بهذا الغزو الالكتروني ومن اجل تحديد مصدر الهجوم السيبراني او الجهة التي تبنت هذا الهجوم يتطلب انشاء مراكز الكترونية للامن السيبراني متطورة وتشرف على تدريب فرق متخصصة عالية الكفاءة في مكافحة القرصنة الالكترونية والتصدي لها.
وبما أنَّ الانترنت بات سمة من سمات العصر وضرورة من ضروراته ولايمكن الاستغناء عنه بأي حال من الاحوال واصبح من غير الممكن قيام صناعة حديثة من دون استخدام منظومة متطورة من الحواسيب المرتبطة بشبكة الانترنت، كل ذلك يجعلنا أمام حقيقة مفادها ان هذه الحروب الجديدة التي تستخدم فيها التكنولوجيا الرقمية كسلاح رئيس هي بمثابة استعمار جديد وانتهاك لخصوصيات الدول وأمنها القومي وفضائها الالكتروني مسببة خسائر مادية كبيرة للدول التي تتعرض لها، وقد تفضي الى خسائر بشرية جسيمة، ومن المؤكد ان اول ضحايا هذه الحروب هي الدول النامية التي لاتمتلك منظومة أمن سيبراني للوقاية من هذه الهجمات والتصدي لها؛ لذا على المجتمع الدولي والمنظمات العالمية ان يكون لهما موقف للمطالبة بسن قوانين صارمة للحد من القرصنة الالكترونية والهجمات السيبرانية وتجنب حدوث فوضى الكترونيَّة عالميَّة.