الضار والنافع وما بينهما

آراء 2020/12/18
...

 أحمد حسين 
لا تلتبس حقيقة الأمور على عاقل إذا ما عرضت عليه المضار والمنافع، فمن المفترض أنْ يعرف ما يترتب عليها من تبعات خطيرة وتداعيات تنعكس عليه وقد تودي بمكتسباته وربما حياته، لكن في بلادنا كل الأمور تسير بشكلٍ مغاير.
حين يتحاور مسؤول رفيع المستوى مع إرهابي، أو على أقل تقدير صاحب مشروع يؤيد منهج القتل والذبح والتفجير والخراب كوسيلة لمواجهة الآخر المختلف فكرياً، فهو بذلك يعترف بأن هذا الإرهابي يمارس عملاً شرعياً وليس إجرامياً، وهو بذلك يصافح شخصاً تضمخت يداه بدماء الأبرياء وفتح جيوبه وبيوته ومدنه 
للغرباء.
الأمر الأكثر إيلاماً هو عندما يكون هذا الشخص لا قيمة له ولا تأثير حتى في الجماعات التي يؤيدها، ومن ثم لا نتيجة ترتجى من التحاور معه ولا مكسب سوى تهييج جروح الضحايا الذي كان هذا الشخص أحد المتسببين 
بها.
إذا كان العذر أن أميركا تحاورت مع جماعة طالبان الإفغانية الإرهابية، نقول نعم، لكن هل يعلم أحدنا ما الغاية من ذلك وما الذي تخطط له المخابرات الأميركية مستقبلاً؟، هل حقاً استسلمت واشنطن للأمر الواقع أم هناك لعبة أخرى تم رسم خطوطها العريضة والرفيعة قبل الدخول في هذه المفاوضات؟، ثم أن طالبان فرضت سطوة فعلية في أرضها وأجبرت البيت الأبيض على التفاوض، ودعنا نسلم بأن أميركا خضعت لسطوة طالبان، لكن هل قدمت أنت لشعبك ما قدمته الحكومات الأميركية المتعاقبة لشعبها؟، وهل تخطط أنت مثل الحكومات والمؤسسات الأميركية لبلادها وشعبها؟، إذا كنت تقتدي بالولايات المتحدة فقلدها في ما تقدمه من خدمات لمواطنيها، لا تأخذ من تجارب الدول ما يخدم مصالحك ومصالح حزبك وتهمل ما يخدم الشعب.
قد يتفق الجميع على أن السياسة فن الممكن، لكن هل يؤمن إنسان سويّ أن السياسة هي وسيلة السلب والنهب واستخدام السلاح المنفلت والجماعات الإرهابية وثروات البلاد والتحالف مع شياطين الإنس لكسب المنافع الشخصية؟.ـ