البصرة تحتفي بالهايكو والنص الوجيز..

ثقافة 2020/12/19
...

 حبيب السامر
 
حين تنتج الحياة اسماً كبيراً وعلامة فارقة في خارطة الشعر العراقي والعربي، وبصمة في فضاء المعرفة لما أسسته من تصورات ومرجعيات يتعاطاها الشعراء عبر مفاصل التنوع الشعري والرهان على شعرية القصيدة، بدر شاكر السياب الذي نستعيد ذكرى وفاته في عامها السادس والخمسين، تشرع مدينته -  البصرة -  بإحياء هذه الذكرى العابقة بالشعر والجمال، من خلال إشاعة روح التجديد ومواكبة الحداثة في العالم، الشعر نهر حياة يتجدد، من هذه الكلمات القليلة التي توجت الحدث الأدبي في ظل انحسار التواجد، الذي تركته ظلمة فيروس كورنا سيئ الصيت، لكن المثابرة والعزم على أن حياة الأدب والشعر لا تتوقف، كما هو نهر المعرفة والفكر.
 يلتقي تحت خيمة البصرة الزاهرة، وتحت أفياء نخيلها الوارف، وبالقرب من جيكور – مدينة السياب الخالد – الشعراء بقصائد في محور (الهايكو والنص الوجيز) الذي ربما يعد شكلا غريبا بعض الشيء، وتجاوزاً لمرحلة سابقة في كسر التقليد السائد في قصيدة النثر، وكان يعتقد البعض أن هذا النوع من الكتابة لا يشكل إلغاءً لما سبقه، بل أن مضمار الحياة يستوجب الخوض والتجريب لمسايرة التطورات المتسارعة في مجالات الأدب والمعرفة والتقانات التعبيرية الحديثة، نحتاجها فعلا وسط هذا الزخم المتلاطم من الكتابات في مجالات شتى، هذا ستجيبنا عليه مجموعة مميزة من النقدة التي ستدلي بآرائها بعد قراءة القصائد التي وصلتها قبل فترة،  لتضعها تحت مجاهرها النقدية، ربما هي محاولة للإجابة على التراكمات التي يحتاجها المتلقي لفهم ما يدور في العالم من تطورات حياتية وأدبية، هذا ما سنلمسه ونحن نستمع الى القصائد من أجيال مختلفة تطرح رؤاها، عبر هذا الفضاء المفتوح من الأفكار والاشتغالات المعرفية، قد نجد تشابكاً بين مفهوم وأسلوب الكتابة، منطلقين من فلسفة ترجعنا الى سومر، وبين الكتابة المكثفة التي تعتمد بطريقة تداولها الطريقة العادية التي لا تستمد الى الشعر بصلة، وهنا سنعتمد المعيار النقدي، الذي سيؤشر الى النصوص المشتركة بالقلم الأحمر ليعرف كتّابها  الخط الفاصل بين الشعر واللا شعر. 
لقد تجدد هذا النوع من الشعر (الهايكو) على يد ماتسو باشو في القرن السابع عشر بعد أن أثار هذا النوع الأدبي من الكتابة جدلاً كبيرا منذ أن انتقل الينا من شعراء اليابان، في بداية ظهوره كان يسمى بشعر (الرينغا) في القرن الخامس عشر، وتطور الى (الهايكاي) في القرن السّادس عشر، بدأ بنمطية واسلوب كتابة تعتمد عدد الأسطر (5 ،7 ،5)، لكن مع مرور الوقت والتجريب المستمر، بدأت الأسطر بالاختزال حتى صار بتسميات عدة تحت خيمة (الهايكو) وبأشكال جديدة، وهو يشتغل على مجموعة عوامل ترفض الرجوع للأنماط القديمة ويعنى بالاختزال والتكثيف، كما انتبه القائمون على هذا الملتقى ليردفوا له بعنونة أكثر مرونة واشتغالا وهي (النص الوجيز) وهنا دخلنا في منطقة الومضة واللقطة والتوقيعات والشذرة والنص القصير جدا.