عدم الوضوح في الدستور العراقي

آراء 2020/12/20
...

 محمد الشحتور

 
 
لكي يشكل النص الدستوري وحدة اتصال بين المشرع والمشَرع لهم، لا بدّ من أن يكون مفهوما واضح الدلالة؛  ليتم تطبيقه؛ ولذا تحتم أن يتسم بالتماسك المعنوي (الحبْك) بوصفه أحد المعايير الرئيسة في علم لغة النص (مدخل إلى علم لغة النص: ديبوجراند، 
ودريسلر).
وبناء على ذلك وجب تحاشي وقوع أحد عيوب الصياغة في لغة القانون، كالغموض والتعارض والنقص والتزيد والخطأ، فبسببها يكون النص معيبا، والمقال محاولة موجزة لبيان النص المعيب بسبب النقص.
النَّقص: وهو واضح في النصِّ: "يحظر الحجز"من المادة (19/12/أ) ، وقد لوحظ أنَّه حكم مطلَق، وتقتضي العدالة أن يُقيَّد، فتُلحق به جملة مكمِّلة، هي: (إلا وفقا لقرار قضائي من جهة قضائية مختصَّة) والعبارة لتغريد عبد القادر (إشكالية الصياغة التشريعية في النص الدستوري)، وهي إضافة احترازية مهمة كي لا يُعاق تطبيق الأوامر القضائية في الأحوال القانونية.
 ونصَّت المادة (112/أولًا) من الدستور على أن: "تقوم الحكومة بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على أن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدةٍ محدَّدة للأقاليم المتضررة، التي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق والتي تضرَّرت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، ويُنظَّم ذلك بقانون".
وقد ظُنَّ أنَّ المادة ناقصة بسبب عدم ذكر الجهة التي تحدِّد الحصة المضافة، والتي تقرِّر حرمان هذا الإقليم من عدمه، والجهة التي تقرِّر تحقيق التنمية من عدمه، لكنَّها إشكالات غير صحيحة؛ لأنَّ المادة اختتمت بـ(وينظَّم ذلك بقانون)، ومعنى هذه العبارة أنَّ تكييف المقاصد التشريعية الواردة في هذه المادة تقع على عاتق المتخصصين، الذين سيقنِّنونها على وفق الضوابط، فلن يرد شيء ممَّا قيل عن النقص المدعى وقوعه.
وطالب بعض الباحثين برفع كلمة (الحالية)؛ كي تشمل المادة الحقول المستقبلية أيضًا، ومن الممكن عدُّ ذلك نقصًا في الحكم، تقتضي المعايير النصية ومعايير لغة القانون تحاشيه، ومن الممكن تداركه (نصوص دستور العراق لسنة 2005 في الميزان: غازي 
فيصل مهدي). 
ومن الجدير بالذكر أنَّ المحكمة الاتحادية قامت بإصدار عدة قرارات لسد النقص الحاصل في بعض التشريعات الدستورية، وكثير من هذه القرارات جاءت لتحديد دلالة بعض العبارات، 
مثل: قرار إلغاء الجلسة المفتوحة لمجلس النواب وتكييفها، عدد 65 اتحادية 2010 في 24 /10 /2010، وقرار نسبة كوتا النساء في مجالس المحافظات، عدد 13 اتحادية 2007 في 31 /7 /2007، وقرار تنظيم عمل رئاسة مجلس النواب عند خلو منصب الرئيس أثناء دورة الانعقاد، عدد 9 اتحادية 2009 في 5/2/2009 (قرارات المحكمة الاتحادية العليا مع بعض متون القوانين ذات العلاقة: علاء صبري التميمي).