أنماط الفساد

آراء 2020/12/20
...

  سلام مكي
لا بدّ من الحديث عن الفساد الاداري والمالي، في كل محفل ومكان، في وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة، في الشارع والمقهى والجامعة والمسجد، لا بدّ من الحديث عن الآفة الأخطر والأكبر، التي تمثل تحديا كبيرا لوجود الدولة أولا ولوجود الانسان العراقي ثانيا. الفساد، هو سبب الشقاء والألم الذي يعاني منهما كل العراقيين. والحديث عنهما، لا بدّ من أن يكون ذا جدوى، أن يضع الحلول ويكشف عن الثغرات والاخفاقات التي تواجه من يقف بوجه الفساد. هناك أسباب قانونية تعرقل جهود مكافحة الفساد، أي تتعلق بالنص القانوني، مما يستغله الفاسدون في سبيل الهروب من المساءلة القانونية، كأن لا يضع القانون عقوبات رادعة، أو يغض الطرف عن أفعال معينة أو يسهم في التخفيف من العقوبات بحق الفاسدين، وهنالك أمور تتعلق بتنفيذ القوانين، بمعنى عدم التنفيذ الصحيح، أو التطبيق السليم لنصوص القانون. الفساد في العراق، ونتيجة لتراكم السنين، وتعدد أشكاله وأنساقه، لا بد من الكشف عن تلك الأنساق، فهنالك فساد ظاهر، مكشوف، وهذا واقع تحت مطرقة القضاء، يتم التحقيق فيه وتقرير مصير المتهمين فيه. ولعل هذا النسق، وهذا يمثل نسبة كبيرة من الجهود، التي تعلن عنها الجهات المختصة، وأكثر تلك الأنماط تخص قضايا داخل دوائر الدولة، أبطالها موظفون من الدرجات الدنيا في الوظيفة، وهنالك نسق آخر مكشوف أيضا، لكنه غير متاح للجهات المختصة، وللأسف هذا النسق، يكبد الدولة خسارات كبيرة ومؤثرة في المال العام، ويسهم في استنزاف موارد الدولة، فهو فساد مكشوف، يعرفه الجميع، بل ويذاع في وسائل الاعلام حتى، ويتباهى الفاسدون بفسادهم وسرقاتهم. وهنالك سرقات وفساد مضمر، غير مكشوف، يمارس في الخفاء. وللأسف، ليست هناك أرقام محددة تكشف قيمة الأموال المهدورة بسبب الفساد المضمر، إن مكافحة الفساد تحتاج تكاتف الجميع، من مثقفين ورجال قانون، ورجال دين، ومؤسسات مجتمع مدني. ولا بد كذلك من تقييم إجراءات مكافحة الفساد وتقييم التشريعات والقوانين التي تكافح الفساد، لا بد للجهات المختصة وخصوصا الادعاء العام، كونه الجهة المختصة قانونا بتقييم التشريعات، بمراجعة النصوص القانونية، التي تستند إليها الجهات الرقابية في مكافحة الفساد، والكشف عن مكامن الخلل والثغرات، التي يستفيد منها الفاسدون والتي تشكل عائقا أمام الجهات الرقابية في الحد من الفساد، ولا بد من مراجعة دقيقة للإجراءات القانونية الخاصة بمكافحة الفساد، وصولا إلى تشخيص العلل والاخفاقات بغية معالجتها، وبالتالي الحد من الفساد.