الابتزاز الوظيفي

آراء 2020/12/20
...

 اللواء الدكتور عدي سمير الحساني
تُعد شؤون الخدمة الوظيفية، من الأمور الأساسية التي تعيرها معظم الدول الحديثة في العالم اهتماماً خاصاً، فالوظيفة هي الركيزة الأساسية للعمل في الهيكل التنظيمي للجهاز
 الإداري.
وبما ان الجهاز الإداري يُقسم عادة إلى مؤسسات، تضم كل منها مجموعة من الإدارات والأقسام الفرعية، وتضم كل إدارة أو قسم عدداً من الوظائف التي تمثل فيها اختصاصات الإدارة أو القسم وسلطاتها ومسؤولياتها، والتي تضم عدداً من الموظفين المؤهلين الذين يعملون وفق سلم وظيفي متدرج، والذين يتولون مهامهم وفق الشروط القانونية والفنية اللازمة لممارسة اختصاصات تلك الوظيفة.وفي سبيل تحقيق الغايات التي وجدت من أجلها تلك الأجهزة يقوم الأفراد القائمون على قيادتها والموظفون فيه كلٌ في حدود اختصاصاته باتخاذ القرارات بعد تحديد الأهداف وحصر البدائل وتقييمها، غير أنه قد يحدث أن يخرج بعضهم عن ذلك، مستهدفاً تحقيق نوايا معينة ل        مصالح خاصة وذاتية على حساب المجموع، وهو ما يُلحق أشد الضرر بالصالح العام، وهذا ما يسمى بالانحراف الوظيفي في استخدام السلطة وذلك من خلال استخدام سلطة الوظيفة في ابتزاز الموظفين الذين ما دونه او مرؤوسيه مستغلاً بذلك نفوذه المؤقت.
وقد يتنوع الابتزاز ما بين المدير الى موظفيه او الموظف ذاته الى مديره وهناك نوع اخر من الابتزاز، ألا وهو ابتزاز اللجان المخولة للتحقيق او المراقبة للأداء الوظيفي مقابل مقاصد ومنافع تأتي المصالح الشخصية في مقدمتها.
اوقد يكون ابتزاز الموظف للمواطن والذي عادة ما يأتي لأجل منفعة مادية او جنسية او غيرها او قد تنعكس الحالة في ابتزاز المواطن للموظف من اجل الضغط في تمشية موضوع معين على حساب القانون والضوابط.
وأيا كان نوع الابتزاز فإنه يُعد من أخطر أنواع التطرف الأخلاقي على الإطلاق، لأنه يصيب الجهاز الإداري بالشلل، ويجعله غير قادر على أداء المهام والواجبات، التي نشأ من أجلها، ويصيب الحياة الوظيفية بالقلق صعب علاجه، لأن أفعال الابتزاز الوظيفي تعد من الجرائم الخفية التي تتصف أحياناً بالسرية، والتي تطورت أساليبها مع تطور الحياة وتغير أساليبها، إذ نرى في ايامنا هذه أشكالا  من الفساد أخذت تعتمد على تقنيات حديثة وآليات متطورة، لتحقيق غاياتها وأصبح مرتكبوها يعدون الوظيفة العامة سلطة يتاجرون بها، مستغلين سلطاتها لتحقيق أغراضهم ومصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة.