في معظم أسواق العاصمة والمدن الاخرى تنتشر الاسواق الشعبية التي تتواجد في معظمها نساء يفترشن الارض او يقفن في محال لبيع الخضار والمواد العطرية الاخرى طلبا" للرزق .. واكثرهن في اعمار متقدمة من العمر".
ففي سوق منطقة باب المعظم المعروفة، كانت ( ام فلاح) تتربع على الأرض وتتقدمها كومة من الخضار، بينت أنها لا تخشى العمل، كونه عملا شريفا ولا يهمها ما يقول الآخرون، ما دامت تكسب رزقها بالحلال، تبين "لست وحدي من اكسب رزقي من بيع الخضار.
فهناك الكثيرات مثلي، فأنا أساعد زوجي، الذي لا يكفي عمله لمعيشة أولادنا في الوقت، الذي تزداد فيه متطلباتهم، فهم طلبة في المدارس وقررنا انا وأبوهم ألا نتركهم فريسة للشارع ومصيره المجهول، فنحن نطمح لهم بالأفضل.
وتجاورها امرأة اخرى في العقد الخامس من العمر تبيع السمك وهي في حالة يرثى لها ، كونها تمكث ساعات طويلة في جو رطب وغير صحي، تحدثت الينا بشكل عفوي قائلة: أعمل في هذه المهنة منذ سنوات وهي مهنة زوجي، الذي توفى وترك لي هذا البسطية واربعة اولاد، لذا اتقنها جيدا واجد فيها رزقي ورزق أسرتي، ولا أشعر بالعيب او الذل طالما اعيش بشرف وكرامة، ولدي الكثير من الزبائن، اذ ينشط بيع السمك طوال ايام الاسبوع .
قوة العمل
وفي تقاطع الطرقات يتوزع المتسولون والباعة المتجولون وفيهم بعض النساء والفتيات الصغيرات، كانت هبة بائعة المناديل الورقية أنموذجا لهم، اذ تقول: تعلمت منذ صغري أن اكسب رزقي، من دون أن أمد يدي فأنا أعرض بضاعتي وانتظر من يشتري ولا أنكر بأنني أتعرض أحيانا لبعض التحرشات من الشباب، الا أن نزولي الى الشارع في عمر مبكر علمني كيف ادافع عن نفسي، واقف ضد من يحاول التحرش بي حتى خلت انني تحولت الى صبي ولست بفتاة، كوني أصبحت عنيفة في التعامل مع الاخرين. وتكمل حديثها، "ظروف أسرتي القاسية أجبرتني على النزول إلى عالم الشارع وكسب الرزق الحلال مهما كان ضئيلا".
ضمان وحقوق
الباحث في الشأن الاجتماعي ليث المحمود تحدث عن موضوع عمل النساء في الاسواق الشعبية بالقول:
لا أجد في ذلك ضيرا في ذلك طالما هن مقتنعات في العمل وفي حصاد تعبهن ومعيشة اسرهن، وبعضهن يمتلكن قدرة معينة وكبيرة على تحمل الصعاب وخوض تجربة مريرة من اجل الحصول على صفقات بيع وشراء، فيها ارباح مالية جيدة، الا أن العديد منهن يعانين من أمراض مزمنة، كونهن كبيرات في السن واعباؤهن ثقيلة، وتمتاز أخريات اللواتي لهن باع طويل في العمل بالاسواق الشعبية بالصلابة وقوة التحمل، ولهن تجارب عدة في كسب الزبائن من خلال طريقتهن المحببة في عرض البضاعة.
ومن خلال هذا الموضوع أدعو الجهات المختصة الى ايجاد صيغة جيدة ومضمونة للنساء العاملات في الاسواق الشعبية، وتوفير ضمان صحي واجتماعي لهن، كونهن يستحقن كل الحقوق المطلوبة.
كثيرة هي النماذج لنساء اخترقن مصاعب الحياة واثبتن قدرتهن على العمل والغوص في متاعبه قسرا! وهن قادرات على إدارة أمور حياتهن، من دون اللجوء الى التسليم او انداب الحظ وغيرها من الامور اليائسة، بل كن نسوة حقيقيات وفيهن من تحمل قصة مؤلمة قادتها للعمل كبائعة متجولة، حين لا تتوفر فيها شروط اللجوء للرعاية الاجتماعية وراتبه الذي لا يكفي لمجابهة غلاء
المعيشة.