حسين الصدر
- 1 -
هناك وصايا مهمة تُورث الصلاح، وتُضفي على النفس الطمأنينة، وتدفع بها الى الصفاء والنقاء ...
- 2 -
إنّ وصايا الحكماء المستوحاة من تجاربهم وحصافة آرائهم لها ثقلها في الميزان، فكيف بوصايا الرسول المصطفى (ص) وهو معدن المكارم والفضائل والمحاسن ومنهل الظامئين الى التكامل الروحي والاجتماعي والاخلاقي والحضاري؟
إنّ وصاياه تحتل المرتبة العليا في الأهمية، والتمسك بأهدابها يُحققُ مِنَ النجاحات ما تقر به العيون، وتنال به النفوس أمنياتِها.
- 3 -
ومن هذه الوصايا العظيمة وصيتُهُ (ص) لأبي ذر – رضوان الله عليه – حيث نُقل عنه قوله:
" أوصاني رسول الله (ص) بسبع
أوصاني أنْ انظرَ الى مَنْ هو دُوني،
ولا أنظر الى مَنْ هو فوقي
وأوصاني بحب المساكين والدنوّ منهم،
وأوصاني أنْ اقولَ الحقّ وإنْ كانَ مُرّاً
وأوصاني أنْ أَصِلَ رحمي وإنْ أدبرتْ
وأوصاني أنْ لا أخاف في الله لومةَ لائم
وأوصاني أنْ استكثر مِنَ قول ( لا حولَ ولا قوةَ الا بالله العليّ العظيم ) فانها من كنوز الجنة "
البحار / كتاب الروضة / ج74 ص 267
ان المجتمع يضم العديد من الطبقات فهناك الاغنياء الى جانب الفقراء، وهناك من العلماء الى جانب السادرين في بحار الجهل.
وهناك الناهضون العاملون الواعون الى جانب الكسالى الخاملين الذين لا يحسنون شيئا ولا يقدّمون خدمة على الاطلاق.
وهكذا..
والانسان حين يكون فقيراً وينظر الى ما يملكه الأثرياء من أموال ضخمة، وأرصدة فخمة تمكنهم من حياة رغيدة هانئة، يعيش حالةً صعبة من الانفعال تجعله يرى نفسه مغضوبا عليه من قبل الله سبحانه، ومِثلُ هذه الحالة تملأ نفسه حسرات، وتبعده عن أنْ يكون من الحامدين الشاكرين لربهم فيبوء بالخسران، مضافاً الى ماهو فيه من الضيق والبؤس والحرمان.
أما اذا نظر الى مَنْ هُمْ دُونَهُ فانه سيشعر بأنَّ الله سبحانه فضّله على كثير من الخلق، فإذا كان هو يتناول ثلاث وجبات من الطعام في كل يوم – وان لم تكن دسمة – فهناك مَنْ لا يستطيع ان يوّفر لنفسه وجبة طعام واحدة في كل يوم.!
- 4 -
إنَّ المترفين من ذوي الثروة والجاه يعيشون في أبراجٍ عاجية، وهم يتحاشون الاختلاط بالناس، وبالمساكين والفقراء منهم بوجه خاص، وهذا ما يحولّهم الى عناصر تحمل من سمات الطغيان والاستكبار ما يَعْزِلُها عن أوسع الشرائح الاجتماعية ويحرمها من ان تنال شرف الانخراط في قائمة المحسنين الابرار، حيث تقسو القلوب، وتغلظ الطباع، وتفسد الاخلاق..، ولن تبقى الاّ السَيِرُ المشحونةُ بالسلبيات المشينةِ دينيّاً واجتماعيّاً واخلاقيا.
- 5 -
إنّ الرجال الذين يفرضون احترامهم على الناس والتاريخ، هم اولئك الذين لا يخادعون ولا يصانعون وانما يقولون الحق ولا تأخذهم في الله لومة لائم.
واحلى العناوين للشخصية الانسانية هو التحلي بالصدق والثبات على قول الحق ونصرته.
وأين الناطق الشجاع من " الإمّعة " الهزيل الذي لا يحظى الا بالمهانة والازدراء.
- 6 -
ومن مكارم الاخلاق صلةُ الارحام حتى مَعَ مَنْ يُصرّ على القطيعة، ومع هذا الاصرار القبيح على القطيعة يختار لنفسه ان يقطع حبل عمره ويبوء بالاثم.
- 7 -
إنَّ استحضار الانسان للحقيقة القائلة بأنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّا مهم جدا لئلا يطغي ولئلا ينحرف ويشذ.
فلا حولَ للانسان ولا قوةَ الاّ بالتوكل والاعتماد على الربّ العظيم الذي لا يعجزه شيء في الارض ولا في السماء.
ومع استذكار هذه الحقيقة يقطع الانسانُ المؤمنُ أشواطَه نحو تحقيق اهداف المشروعة، وهو في غاية من القوة والاطمئنان، وبهذا يحرز نجاحاته.