عماد جاسم
آليات توطيد العلائق التشاركية بين المؤسسات هي إحدى الوسائل المهمة التي تعول عليها البلدان المتطورة لانجاح خطط التنمية المستدامة بعدّها ركيزة من ركائز بناء الدولة
بروح من التعاون وبعيدا عن الاستعلاء او التقاطع الوظيفي ، إذ نجد في الكثير من الدول الاوروبية مشاريع تشاركية تتقدم بفكرة من أفراد او اكاديميين او ناشطين ويتم تطويرها او مناقشتها من قبل البلدية المعنية بهذه الفكرة او ذلك المشروع الخدمي او الإنساني او التربوي او الاقتصادي او الثقافي او حتى الرياضي وبعدها تخضع لعملية نقاش علمي برفقة المؤسسات ذات العلاقة لتكون مادة بحثية تشاورية ويتم إعداد الجدوى الاقتصادية والتطويرية بعد تعضيد التعاون الفاعل مع مؤسسات المجتمع المدني في
تلك البلدية التي ترفع ما تحتاج اليه إلى الوزارات المعنية ليخرج المشروع من الإطار التنظيري إلى الساحة العملية والواقعية بفعل القدرات التواصلية ورجاحة العقل التنظيمي الذي ينتصر لقيمة الفكرة على سلطة الروتين التعجيزي الذي ما زال يهيمن على عمل مؤسساتنا التي تفتقر إلى أسس او قواعد الروح التواصلية لخدمة المجتمع .
فنادرا ما نجد لجانا عملية تدرس مشروعا مجتمعيا او صحيا او فكريا ثقافيا
كان مطروحا من ناشط او صحفي او اكاديمي وتجتهد في معرفة خلفياته او مخرجاته ليكون مادة بحثية وبالتالي
يكون مشروعا خاضعا لاشتراطات الوزارات التي قد تسعفه بدراسة الجدوى والعمل التضامني
والتفاعلي مع المؤسسات والوزارات ذات العلاقة، لأن عملية التنمية لا يمكن أن تجد فرصتها او أرضية وجودها الا في إطار الخروج الناجز من سطوة المهيمن التقليدي من مسلسل التعاطي المتعارف عليه في بلادنا المتعطشة لجسور التشارك في فهم الواقع وترسيخ الطاقات في كسب الرهان على ان محبي هذا الوطن ليسوا بمعزل عن إرادة التغيير وليسوا بمعزل عن العمل التطوعي بإشراف مؤسساتي يذهب باتجاه ترسيخ قيم الهوية الوطنية وحث
المسؤولين على خلق آليات للتعاطي الجديد مع مشكلات الناس بمنح فرص التعاضد وتمكين المجتمع المدني مع تأسيس أواصر تفاعلية مع الجامعات ومراكزها البحثية لتكون محورا ومصهرا للافكار الإبداعية عبر تنظيم جلسات تشاورية
والخروج بمعالجات تنظيمية تقلل من حجم الخسارات وتحجم من البيروقراطية المتبعة، بل تؤسس علائق وظيفية بين الدولة
والمجتمع .