أ.م.د. ميسم ياسين عبيد
مشاركة المرأة أمر أساسي وضروري في إرساء السلام المستدام في المجتمعات المتغيرة التي تحتاج إلى الاستقرار- ومنها مجتمعنا العراقي-، والعبور بها إلى مرحلة متقدمة من الوئام المجتمعي، كونها عنصرا فاعلا في عملية التغيير الاجتماعي الايحابي وبناء المجتمع المتوازن القادر على تحقيق ذاته، إذ يعد الاعتراف بدورها الفاعل في بناء المجتمع عاملا اساسيا في درء تصاعد العنف المجتمعي بشكل عام، والعنف الأسرى بشكل خاص، فإدماج المرأة بالكامل في عملية التنمية البشرية سبيل لتحقيق المساواة بين النساء والرجال، وفرصة مواتية في تكوين علاقات أسرية ومجتمعية سليمة، لقد واجهت مشاركة النساء بالنشاط السياسي وجهودها في صنع السلام عقبات وتحديات عديدة، لغرض ابعادها من مراكز صنع القرار وحصرها بالدور الاستشاري، حتى الحملة العالمية لقرار مجلس الامن رقم 1325 لا يزال يمثل تحدياً للوضع الراهن، الذي أكد ضمان مشاركة المرأة في جميع مراحل النزاع و بناء السلام، أُلحق بقرارات عدة لم تهتم بمشاركة المرأة في حل النزاعات بل بحماية النساء من العنف.
إنَّ حماية حقوق المرأة تنبغي أن تكون في طليعة تعزيز السلام والأمن، وألا تأتي كفكرة ثانوية في عصر تضع الجماعات المتطرفة المسلحة إخضاع المرأة على رأس أولوياتها، ينبغي أن تكون استجابة مجتمعاتنا لتمكين النساء وجعلهن صانعات السلام، وبما يعكس جدول أعمال التنمية المستدامة لعام 2030 الذي اعتُمِد حديثاً هذه الأولوية، بتأكيده المساواة بين الجنسين واحترام حقوق الإنسان، هذا يحتاج الى توسيع الآفاق والاعتراف بالحاجة الى مقاربة بعيدة المدى بالاسهامات الممكنة للنساء وتوطيد العلاقة بين درء النزاع وتحويل مساره وتغيير العقلية واقناعها بامكانية مشاركة المرأة بمنع العنف وتحويل مسار النزاع
سلميا.
بغض النظر عن ايجابية او سلبية تأثيرهن، فإن للمرأة الحق في المشاركة مثل الرجل، وهذا أمر بديهي، فالقانون الدولي يحترم ويعزز حقوق المرأة، لكن المشكلة هي في التنفيذ والارادة السياسية او غيابها، فالسؤال الرئيس المطروح ليس ما يمكن او ينبغي أن تفعله عمليات صنع السلام للمرأة، ولكن ما الذي يمكن ان تفعله النساء في عمليات صنع السلام ودرء النزاع لفائدة المجتمع ككل و ما أهم القيود والتحديات التي لا تزال تواجهها.