الموازنة والمواطن

آراء 2020/12/23
...

 حسين رشيد
 
 
صعود مفاجئ لسعر صرف الدولار، ثم قرار من البنك المركزي باعتماد سعر صرف (1450) دينارا لكل دولار أثار مخاوف من انفلات المشكلات المعاشية والعودة لايام الحصار التسعيني، المخاوف لم تترك شريحة دون اخرى، بإستثناء اللصوص، الذين حتما سيجدون فرصة اخرى لنهش اجساد الناس، وبوجه الخصوص الفقراء منهم، ومن سيدخل خانتهم من اصحاب الدخل المحدود، حسبما تشير الى ذلك كل التوقعات والتحذيرات، التي اطلقها المختصون بالشأن الاقتصادي.تسريب بعض فقرات الموازنة العامة لعام 2021 زاد المخاوف ورفع حالة الانذار المجتمعي فالتسريبات تشير الى زيادة النفقات الى (150) تريليون دينار، مقابل (72) ترليون دينار عام 2020 بواردات نفطية (46) ترليون دينار، يضاف مبلغ الاقتراض (٢٦) تريليون دينار، التسريبات تشير ايضا الى اعتماد الموازنة المسربة سعر صرف الدولاربـ (1450) دينارا للدولار، ما يعني تخفيض قيمة رواتب الموظفين بنسبة (18 ٪) وهذا تقليل اخر لنفقات التشغيلية عما كان في سنة 2020، كما تضمنت الموازنة المسربة، تخفيض المخصصات الممنوحة لمنتسبي دوائر الدولة، الممولة مركزيًا وذاتيًا بنسب تتراوح من (20 ٪) الى (60 ٪)، وهذا خفض اخر للنفقات التشغيلية ما يعني عدم الحاجة لموازنة بـ(150) ترليون. كما تم فرض ضرائب جديدة على بيع الوقود بنسبة (20 ٪) علما ان سعر الوقود حاليا يعد الاعلى في المنطقة لبلد نفطي، يفترض ان تكون الاسعار فيه بسعر التكلفة. هذه الضريبة ستتسبب بزيادة اسعار النقل، ما ينعكس ايضا على الفقراء واصحاب الدخل المحدود. وفرصة اخرى للسراق والمفسدين، للتلاعب بالاسعار وارقام الضرائب، في ظل غياب جهة رقابية محصنة من الفساد والافساد. الحكومة حددت سعر برميل النفط بالموازنة المسربة بـ(42) دولارا والذي يباع اليوم (52) دولارا بعد اعلان توزيع لقاح كورونا، والتوقعات تشير الى صعود مقبل قد يتعدى حاجز الـ(60) دولارا، ما يثير سؤال كيف كيف ستتصرف الحكومة اذ واصل النفط الارتفاع، وهل ستعدل عن سياستها التقشفية؟ 
لم تتكلف الحكومة، بالبحث عن حلول بعيدة المدى لانعاش الاقتصاد العراقي، ولم تجتهد بمحاربة الفساد واستعادة الاموال المنهوبة طوال السنين الماضية، ولم تشرع بوضع اسس انهاء اي من ازمات الكهرباء، الخدمات، السكن، واعادة الروح للصناعة الوطنية، ولم ترعَ ظروف الفقراء حين عمدت الى هذه الاجراءات، ولم تمسك ايا من خيوط العمل الحكومي الممنهج الذي بامكانه اعادة الامل بعراق جديد مثلما اراد وعمل شباب تشرين ومن ساندهم من قوى الشعب الخيرة.
لكنها تجيد تنفذ شروط صندوق النقد الدولي والوكالات المالية الدولية.