ظلّ السيّاب «العالي» الذي لاحق البيّاتي

ثقافة 2020/12/25
...

  حسين محمد عجيل

من بين كوكبة الشعراء العراقيّين المعاصرين لبدر شاكر السيّاب (1926 - 1964)  الذي مرّت أول أمس الخميس الذكرى السادسة والخمسون على رحيله الحزين- ممن شاركوه أو اتبعوه في مغامرة الانتقال بالشعر العربيّ إلى طور جديد، كنازك الملائكة وشاذل طاقة وعبد الوهاب البياتي وبُلند الحيدري ورشيد ياسين وعلي الحليّ وحسين مردان ولميعة عباس عمارة وموسى النقدي ويوسف الصائغ ومحمود البريكان وسعدي يوسف ومحمد جميل شلش ومحمد سعيد الصكار، ينفرد الشاعران عبد الوهاب البيّاتي وعلي الحلي في أنهما كانا غريمين لدودين له في المعسكرين اللذين تبادلا الأدوار في التأثير على مسيرته الحياتية والشعرية. 
فقد نازعه البيّاتي على حظوته المبكرة لدى الشيوعيّين، ونجح باستراتيجيّته الإعلاميّة الذكيّة وتوظيفه كل قدراته وعلاقاته بهذا المجال، التي كان يفتقر إليها السيّاب في بداياته خصوصاً، في أن يأخذ مكانته لديهم.
حين تحرّر السيّاب من الإيديولوجيا
على الجانب الآخر كان علي الحلّي القوميّ النزعة البعثيّ الانتماء آنذاك، يخشى من أنْ ينافسه السيّاب على صدارة شعراء معسكره القوميّ، باسمه الكبير وريادته وموهبته الاستثنائيّة، والهالة التي أضفتها عليه لدى القوميّين جرأته وقسوته البالغة في مهاجمة الشيوعيّين سنة 1959، في سلسلة مقالاته الصحفيّة «كنت شيوعيّاً»، في وقت كان فيه الحليّ يوصف بأنه «شاعر البعث».
ونتيجة لذلك شنّ عليه الشاعران حملات مؤثّرة داخل العراق وخارجه، أسهم فيها مقّربون من حلقتيهما كما من حلقة السيّاب، وهي وإنْ كانت متنوعة الدوافع والأسباب، ومختلفة في أبعادها، ومتباينة المبررات والنتائج، لكن ليس من الصعب اكتشاف أنَّ نصيب المنافسة الشعريّة المحضة، والتزاحم على الصدارة فيها هو الأوفر، وقد ظلّت هذه المنافسة- المعتادة بين المعاصرين- الجذوة التي تذكي هذا الصراع العنيف.
بإبعاد السياب عن التخندق الإيديولوجيّ الحزبيّ الذي خنق بضيق أفقه الكثير من المواهب الشعريّة في ذلك الجيل وما تلاه، وحوّل قصائد أولئك الشعراء إلى دعايات فجّة أحياناً، قدّم الشاعران من حيث لم يقصدا خدمةً جليلةً لغريمهما وللشعر الحديث عموماً، ودفعا بذلك السيّاب دفعاً للقمة وتكريسه في صدارة الشعريّة العراقيّة والعربيّة، وقد ظلّ السيّاب وهو البعيد عن الانتماء الحزبيّ ملتزماً بقضايا الإنسان الكبرى، التي لم يحد عنها حتّى حين كان المرض يتهدّده بالفناء وهو في ذروة من شبابه وعطائه.
 
غريمان ولدا سنة 1926
سنستعرض في هذه الصفحة طبيعة الصراع الذي خاضه البيّاتي مع السيّاب في مراحل مختلفة من توهّج الأخير شعريّاً حتّى وفاته، ومآل هذا الصراع اليوم.
كان عبد الوهاب البياتي، المولود مثل السيّاب سنة 1926، ولكن ليس تحت ظلال نخيل أبي الخصيب في البصرة، وإنّما في باب الشيخ الحيّ التاريخيّ القديم ببغداد، حيث مرقد الشيخ المتصوّف عبد القادر الكيلانيّ، هو المنافس الأخطر له، وشكّل له عقدة حقيقيّة لم يكن في الغالب يحسب حسابها، لكنّ السيّاب العائد إلى بغداد من رحلة المنفى الاضطراريّ في إيران والكويت ثمّ إيران نهاية سنة 1952 حتّى منتصف عام 1953، وبعد سفرته السريعة أيضاً إلى بخارست لحضور مؤتمر الشبيبة العالميّ، فوجئ بالبياتي وقد أخذ مكانة الشاعر الأبرز في العاصمة بغداد، وقد أشار إلى ذلك بتعالٍ وتهكّم سنة 1959 في إحدى المقالات المبكّرة من «كنت شيوعيّا»، بقوله: «لاحظتُ آنذاك أنّ بعض المتشاعرين التافهين من أمثال عبد الوهاب البياتي وزمرته قد برزوا بروزاً بشكل عجيب».
ويبدو أنّ السيّاب لم يكن يعلم أنّ البيّاتي كان يخطّط لمثل هذا التحوّل في مزاج الوسط الثقافيّ لمصلحته منذ عام 1949 حين نشر له محمّد حسن الزيّات ثلاثاً من قصائده المبكرة خلال 12 شهراً في مجلّته الشهيرة (الرسالة)، وتحدّث البيّاتي في ما بعد عن صدى نشر قصيدته الأولى «أنشودة منتحِر» في تلك المجلّة، وهي قصيدة عموديّة، قائلاً: «أحدث نشر قصيدتي وأنا ما أزال طالبا في دار المعلّمين العالية، رجّةً في الوسط الأدبيّ والشّعريّ في هذه الدّار وفي بغداد، إذ إنّ مجلّة «الرّسالة» كانت بخيلةً جدّاً في النّشر، وبخاصّة للأدباء والشّعراء غير المعروفين، وأذكر أنّ الدّكتور الرّاحل مصطفى جواد قد هنّأني وقال لي: إنّني أحسدك، ولكنّه حسدٌ أبويٌّ؛ لأنّ مجلّة الرّسالة قد نشرت لك قصيدةً».
 
مقارنات مدني صالح
بين السيّاب والبيّاتي
في كتابه (هذا هو السياب)، ينجح مدني صالح في عقد مقارنات ذكيّة بين السيّاب والبيّاتي، اللذين درّساه كلاهما في ثانوية الرمادي نهاية أربعينيّات القرن الماضي، ويخلص فيها إلى القول: «إنّي أرى أنّ ذكاء البيّاتي في إدارة واستثمار شؤون الموهبة أكبر من ذكاء السيّاب، لكنّ الموهبة عند السيّاب أكبر من الموهبة عند البيّاتي».
وهي خلاصة نتفق معها، ويمكن أن نفسّر بها كثيرا من الوقائع غير المتوقّعة في حياة الشاعرين، منها أن البيّاتي الذي أصدر أوّل ديوان له سنة 1950، أصبح يحظى باهتمام نقديّ عربيّ بصدور أوّل كتاب عن شعره سنة 1955 في القاهرة، كتبه الناقد الفلسطينيّ إحسان عباس الذي حاز شهرة عربية في ما بعد، في حين أنّ السيّاب الذي أصدر ديوانه الأوّل سنة 1947، لم يصدر أيّ كتاب يتناول شعره إلا بعد وفاته بعام، حين أصدر صديقُه الأديب والمحامي محمود العبطة كتيّبه (بدر شاكر السيّاب والحركة الشعريّة الجديدة في العراق) سنة 1965.
كما نجح البياتي بهذا الذكاء في إدارة الموهبة، مما يقع خارج نطاق الشعر، في الحصول على مكانة السيّاب الاثيرة لدى الحزب الشيوعيّ، بما فيها من المزايا آنذاك، والسلبيّات التي عبّر عنها في لقاء أجراه معه ممدوح عدوان في مجلة المعرفة السوريّة سنة 1967، وتظهر سيرة الشاعرين بعد 1958 مدى الغبن الذي حاق بالسيّاب، حين كان يتعرّض للفصل من وظيفته، فيما حصل غريمه على مناصب رفيعة كمدير التأليف والترجمة والنشر في وزارة المعارف العراقية، ثم الإقامة في موسكو منذ عام 1959 بمهام دبلوماسيّة وأكاديميّة، ومع أن البياتي عاش سنوات طويلة في غربة اختياريّة أحياناً وإجباريّة في أخرى، إلا أنّه عاش مرفّهاً، وحظي في مدد طويلة نسبيا بدعم أنظمة حكم متعاقبة.
 
صراع على زعامة التجديد
في صحف بيروت
ولإظهار مدى ذكاء البيّاتي وقدرته على التخطيط للتنافس على مكانة الشاعر المجدّد الأوّل في العراق، نذكر أنّه بين شهري آب 1951 وتشرين الأول 1953، نشر 19 قصيدة في مجلة الأديب اللبنانيّة، وهي نسبة نشر عالية جدّاً في دوريّة واحدة، لا تتاح عادةً إلا لشاعر شهير لم يكنه البيّاتي آنذاك، بل إنّ الشاعر الشهير لا يبالغ بالنشر في دوريّة واحدة على هذا النحو خوف الإملال واستهلاك الاسم.
وفي سنة 1953 نشر البيّاتي سبع قصائد في (الآداب) البيروتيّة في أوّل ظهورها، قبل أن يفكّر السيّاب في نشر أيّ قصيدة فيها، بل يبدو أنّ سعي البيّاتي المحموم هذا هو ما دفع السيّاب إلى التفكير الجدّي في الخروج من دائرة المحليّة إلى كثافة النشر بالدوريّات العربيّة المعتبرة، حتّى أصبحت (الآداب) منذ سنة 1954 معقله الكبير والمبشّرة بريادته الشعريّة إلى حين.
وكان أمراً لافتاً للانتباه وذا دلالة أنّ سنة 1952 التي كان فيها السيّاب في بغداد طوال العام باستثناء الشهر الأخير منه، شهدت نشر البيّاتي 11 قصيدة في مجلّة (الأديب) في 11 عدداً منها من أصل 12. فيما توقّف تماماً عن نشر أيّة قصيدة في مجلّة (الأديب) في الستة أشهر الأولى من سنة 1952 التي كان فيها السيّاب في إيران ثمّ الكويت، وكان أوّل قصيدة ينشرها بعد هذا الانقطاع الطويل نسبيا، في شهر حزيران 1953 حين كان السيّاب على وشك العودة إلى بغداد، واستمر البياتي ينشر قصائده بانتظام في المجلّة التي نشرت له في شهر تشرين الأوّل من ذلك العام قصيدتين معاً في عدد واحد.
 
مقالتان في (الأديب) البيروتيّة تمجّدان البياتي
وفي وقت كان فيه السيّاب يعاني من مرارات النفي الطوعيّ والغربة في إيران والكويت، ثمّ من مكابدات السجال المضني بعد أزمته المريرة مع أدباء الحزب الشيوعيّ، واندفاع عدد غير قليل منهم ومن غيرهم للهجوم عليه مستغليّن انكشافه بعد رفع غطاء الحماية الإيديولوجيّة عنه، كان البيّاتي المولع بحساباته التكتيكيّة يسجّل الكثير من نقاط التفوّق على غريمه القويّ، فظهرت مقالتان مهمّتان تمجّدانه في مجلّة (الأديب) البيروتيّة التي احتضنته منذ مطلع حياته الأدبيّة، وتبشّران به مجدّداً في الشعر العربيّ الحديث، الأولى كتبها نهاد التكرلي بعددها الصادر في كانون الأوّل 1953، وجاءت بعنوان لافت يغني عن الشرح: «عبد الوهاب البيّاتي المبشّر بالشعر الحديث»، أمّا الثانية فجاءت بقلم إحسان عباس الذي كان وقتها محاضر الأدب العربيّ في كليّة الخرطوم الجامعيّة، إذ كتب مقالةً بعنوان «بين عبد الوهاب البياتي و ت. س. إليوت»، نُشرت في آذار1955. ويقول عباس في مستهلّها: «قبل أن يفارق البيّاتي التصويريّين يتمّ اللقاء بينه وبين إليوت؛ لأنّ هذا الشاعر متأثر بالتصويريّين إلى حدّ ما في شعره، فالبيّاتي وإليوت يلتقيان أيضاً في ذلك التسجيل (الفوتوغرافيّ) لأجواء من الصورة وخاصّة الجانب غير المضيء منها، أعني أنّهما يضعان قاعدة جديدة للانتقاء ويتعلّقان بما يسمى التوافه أو الأشياء التي يستعلي عليها الناس أو يهملونها عامدين، ومن هذه الأشياء الصغيرة يؤلفان المنظر العامّ». ثمّ يضيف إحسان عباس بعد عدة أسطر عاقداً مقارنةً جديدةً للبيّاتي مع بودلير الذي يرى أنّه يثير إعجاب إليوت، قائلاً «وإلى حدّ ما حاول البياتي أن يحقق شيئاً من هذا الذي حقّقه بودلير، وخصوصا في صور العبث والجهد الضائع التي استمدّها من تجربة الحياة اليوميّة، غير أنّ البيّاتي يفترق عن بودلير في حقيقة اجتماعيّة هامّة؛ فهو ليس شاعر المدينة وإنّما هو في صوره ابن القرية يرى نقائصها ويحسّ بآلام أهلها (الطيّبين الحالمين)».
 
جبرا وحرارة التصوير عند السيّاب
يقول جبرا إبراهيم جبرا في مقالة نشرها في مجلّة (الآداب) البيروتيّة بعد موت السيّاب بعامين: «لم ينقذ شعر السيّاب من التردّي إلا مقدرته العجيبة على دفق الصور دفقاً مليئاً كالمطر الغزير، الذي تمتلئ قصائده بذكره- وإلّا حرارته الإنسانيّة التي لا توازيها حرارة في شعرنا العربيّ في هذا القرن».
وقد وضع جبرا في هذا التشخيص يده على مكامن إبداع السيّاب، وإذا جاز لنا القول بأنّ البيّاتي يشترك مع السيّاب في الخصلة الأولى، وإن كان دونه في ذلك، لا سيما حين يستسهل الأمر فتتحول إلى قدرة ميكانيكيّة غير منتجة ولا تضيف للقصيدة غير التشويش، فإن البيّاتي يفتقد الثانية إلّا في نماذج من جيّد شعره، كقصيدته «مسافر بلا حقائب» المنشورة لأوّل مرة في تموز1953 بمجلّة (الأديب).
ويمكن أن نضرب مثلاً للمقارنة بين الشاعرين في قصيدتين متماثلتين عنواناً وموضوعاً، هما «المخبر»، فقصيدة السيّاب بهذا العنوان المنشورة في ديوانه «أنشودة المطر»، مثّلت واحدةً من أروع قصائده الدّالة على قدرته الفذّة على سبر أغوار النفس البشريّة، فبمهارة الشاعر الكبير استطاع السيّاب أن يرسم، بجمل بليغة مكثّفة، الخطوط العميقة لشخصيّة المخبر بكلّ ما تنطوي عليه من تناقضات، هذه الشخصيّة التي انمسخت شروطها الإنسانيّة، وتقرّنت حواسّها وهي تراقب فريستها بصمت ودأب وصبر، وتحاول الإيقاع بها في مصيدة المحظور السياسيّ، لتشعر بانتصار زائف يغذّي ذرائع بقائها حيّةً على هامش الحياة.
 (المخبر) بين السيّاب والبيّاتي
يبدأ السيّاب قصيدته بقوله على لسان هذا الأخير:
أنا مَن تشاء، أنا الحقير-
صبّاغ أحذية الغزاة، وبائع الدم والضمير
أنا الغراب
يقتات من جثث الفراخ، أنا الدمار، أنا الخراب
شَفَةُ البغيِّ أعفُّ من قلبي، …
 
ثمّ ينتقل السيّاب انتقالته البارعة بجملة استدراكيّة من النبرة الخطابيّة المباشرة، إلى مقطع تسامى فيه إلى مرتبة عالية من الشعريّة الخالصة، معتمداً على مقدرته التصويريّة الخلّاقة:
 
لكنّ لي من مقلتيَّ ـ إذا تتبّعتا خُطاك
وتقرّتا قسماتِ وجهك وارتعاشَك ـ إبرتين،
ستنسجان لك الشِراك
وحواشيَ الكفنِ الملطّخ بالدماء، وجمرتين
تروِّعان رؤاك إن لم تحرقاك
وتحول دونهما ودونك بين كفيَّ الجريده
وتقول : أصبح لا يراني ، بَيْدَ أن دمي يراك
إنّي أحسّك في الهواء وفي عيون القارئين
 
بينما تبدأ قصيدة البيّاتي المنشورة في ديوانه «يوميّات سياسيّ محترف» الصادر ببيروت سنة 1970، على هذا النحو:
السيّد البرميل
قفاه بطنه وبطنه قفاه ذرب اللسان
يحفظ شعر المتنبّي، ويقول الشعر أحياناً بلا أوزان
لكنّه يخطئ في الإملاء والإعراب
يلقط في عيونه الحروف والخطوط والأرقام
يحصي نقود العابرين وهي في جيوبهم تنقص أو تزداد
يعيد ما يقول أو قاله الإمام
في خطبة الجمعة أو في مأتم يقام
يتقن فنّ الكذب والتزوير في الأحكام
يركب كلّ موجة، لكنّه يسقط قبل شاطئ الأمان
 
حين ينتصر الشعر
وقد تعطي هذه المقارنة القارئ حقَّ أن يستنتج أنّ قصيدة السيّاب- بحرارة التصوير- تعكس معاناة استثنائيّة ممّن كانوا يعدّون عليه أنفاسه، وهذا ما ألهمه أن يكتب نصّاً استثنائيّاً محتشداً بغضب مكبّل، خلافا للتصوير الكاريكاتيريّ الذي لجأ إليه البيّاتي، فقدّم قصيدة تقريريّة باردة أثقلها بالأفعال المضارعة المتكرّرة في بدايات جمله، وبافتعال قوافٍ متعدّدة في ختامها لم يستطع إخفاء تصنّعها، وكأن تجربته مع المخبرين كانت مفتعلة على مثال نصّه.
واليوم، وبعد أكثر من نصف قرن على وفاة السيّاب، وبرغم أنّه مات في الثامنة والثلاثين من عمره في ذروة أوان العطاء، وقضى شطراً من سنيّه نزيل المستشفيات، وكان مفتقداً لآلة الدعاية الجبّارة التي استثمرها البيّاتي بنجاح، انتصرت الموهبة الأصيلة في النهاية، فقد مدّ السيّاب ظلّه العالي- بعبارة محمود درويش- على شعريّة غريمه وصديق شبابه، والغريب أنّ السيّاب كان فيها غائبا عن مشهد حاول البيّاتي جهده أن يملأه، وهذا يعني- في جملة ما يعنيه- أنّ الشعر المتفجّر من أعماق ضمير الشاعر، بوصفه يمثّل خلاصة ضمير بني الإنسان حيث أقام، المكتسي برفيف روحه المتألّمة، المكتوب تحت وهج استعار نار الوجدان، ينتصر وحده بلا مدافع عنه من مبدعه ومشايعيه.