متعة التعلّم في عالم الخيال

اسرة ومجتمع 2020/12/25
...

 بغداد : غيداء سعيد

اعتادت الثلاثينية ضحى الدهلكي أن تنقل ما تريد من معلومات سواء كانت ذات قيمة دينية أم أخلاقية أم اجتماعية لأطفالها من خلال الأسلوب القصصي، إذ قالت :”إن سرد القصة للاطفال من افضل الطرق والاساليب التربوية ولها تأثير عظيم في نفوسهم، فهي تبقى في أذهانهم ويحاولون تكرارها بين الحين والآخر، ما يساعدهم ذلك في تنمية قدرتهم اللغوية والوصول الى درجة النضج، فضلا عن أنها تغرس في نفوسهم القيم والمبادئ خاصة اذا تضمنت القصة بعض الامثلة والعبر والمواعظ.

الدهلكي أكدت أن ايصال المعلومات للصغار عن طريق سرد القصص لهم تجعل منهم اكثر وعيا وفهما للحياة والطبيعة والحقائق التي تحيطهم، فهي تقول: «هذه القناعة جاءت عن تجربتي مع اولادي خاصة في ايامنا هذه، حيث انتشار فيروس كورونا والخوف المستمر من العدوى، والالتزام بعدم التواجد في الاماكن المزدحمة والتباعد الاجتماعي، وتناقل اخبار الموقف الوبائي عبر شاشة التلفاز او عن طريق الانترنت من خلال متابعتهم للبرامج المنوعة عبر الموبايل، والتي تستقطع بفترة اعلانية تشمل الوسائل الوقائية ضد الوباء، كلها عوامل اثرت في نفسية الصغار وجعلتهم معزولين عن المجتمع وخائفين».  كما دأبت على سرد القصص الجميلة لهم خاصة قبل النوم، وتضمنت هذه الحكايا بعض المعلومات عن حياة يملؤها الأمان والأمل بمستقبل جميل، واعياد الميلاد والفرح بلقاء الاصدقاء قريبا في المدرسة واللعب واللهو، هذه القصص جعلتهم يجتازون مرحلة القلق والخوف من كورونا ومن المجهول، ويتخيلون انفسهم بعالم جميل مليء باللعب والفرح.
 
تأثير سرد القصص
الطفلة ليان قاسم ذات الخمسة اعوام نهضت من نومها ليلا بفزع واخذت تبكي وترتجف على ماتقول والدتها وتضيف: احتضنتها على الفور وسألتها عن سبب هلعها، فقالت بعفوية جاء وحش كبير وقال أنا الوحش وسأكلك فضربته لكنه لم يمت، حينها بادرت بسرد قصة جميلة لها عن فتيات صغيرات وجميلات بشعر طويل وأنامل رفيعة يحملن سلالا وعصيا، في غابة خضراء يقطفن الفواكه والخضار مترنحات على انغام جميلة، فجأة ظهر الوحش نفسه الذي رأيته في منامك، لكنهن قمن برمي العصي على الوحش واخذن يأكلن من الفاكهة والخضار وتغذت اجسادهن واصبحن اكثر قوة فضربن ذلك العملاق المخيف وهرب، ثم عشن حياة سعيدة وهنية وأخذن يرددن الاغنيات. والدة ليان قالت: إن الطفلة استرخت ونامت نومة هنية، استفاقت صباحا مبتسمة ولديها رغبة كبيرة للأكل كي تغذي جسدها وتكبر مثل الفتيات لتقتل وحش الأمراض على ما تقول، كما أنها سردت الحكاية لاختها الكبرى وهي تكرر قول «اكلي فواكه حتى تكبرين وتقتلين الوحش». بعد هذا الموقف أكدت أم ليان على ان : «سرد القصص للاطفال يؤثر بشكل كبير على نفسيتهم وشخصيتهم، فالقصص المرعبة تجعلهم قلقون وخائفون اما المفرحة وذات النهايات السعيدة فتجعل منهم اكثر اتزانا وسعادة».   
خيالات متعددة
المتخصص في كتابة قصص ومسرحيات وشعر الاطفال جليل خزعل اشار الى: «ان القصص الجميلة تصنع لدى الطفل خيالا ايجابيا وهذا النوع يبحث عنه كاتب 
اغنيات وروايات الصغار لانهم يملكون خيالا واسعا ويعيشون مع القصة، لكن بعض الاحيان يزرع الاباء او بقية افراد الاسرة الكبار لدى الاطفال خيالا سلبيا لاخافتهم من اجل جعلهم يمتثلون للاوامر كما كانت جداتنا بالفطرة يسردن الحكايا عن ظهور الوحش او السعالي وهي فعلا كانت تخيفنا وتولد لدينا افكارا 
سلبية». 
خزعل قال: إن قصة او ادب الطفل هي افضل وسيلة تعليمية وتربوية اذا استخدمت بشكل جيد وايجابي وليس سلبيا لأن الأخير يؤثر على نفسية الطفل وتكون النتائج عكسية، وهذا يعتمد على كاتب القصة وما هو الهدف منها إذ يجب على كاتب هذا النوع من الروايات ان يكون فاهما لمعنى الطفولة ومراحلها وعلى معرفة جيدة بنفسية الطفل وحجم ادراكه، بحيث تكون افكار القصة جميلة تجعله يحلق في الفضاء الجميل والعبارات مفهومة وسهلة الوصول الى عقلية الصغار، حتى لا ينفر منها ويبقى يستمع لها للنهاية ومن ثم فإن الكاتب استطاع ايصال ما يريد من معلومات لعقلية الطفل. 
 
للعمر حكاية
جليل أكد ضرورة ان يكون كتاب القصة مبنيا على دراية ودراسة وفهم مراحل الطفولة، كما يجب ان يحتوي على صور كثيرة وجمل قليلة للمراحل الاولى من اعمار الصغار، إذ يجب التركيز على المراحل الثلاث الاولى من اعمار الطفل منذ العام الاول حتى الثالث عشر من عمره، فلكل مرحلة نوع معين من الحكايا، وان وقت سرد القصة ليس مهما لكون الطفل يحب الروايات بجميع الاوقات.