د. حسين القاصد
ليس جديدا أن تحمل البصرة زمام المبادرة، وليس غريبا أو كثيرا عليها أن تسعف الإبداع بنبضها وأصالتها؛ فبعد جمود ثقافي أصاب كل المحافل الثقافية عراقيا وعربيا وعالميا، بسبب جائحة كورونا، كسرت البصرة حاجز الصمت الإبداعي لتعلن إقامة ملتقى (قصيدة الهايكو والنص الوجيز) وهو الملتقى الذي يقام للمرة الأولى في العراق.
البصرة مدينة عرس الفراتين وعقد قرانهما، مدينة السياب العظيم، المدينة الحارسة للغة حيث إحدى مدرستي النحو، مدينة الفراهيدي، ليس لها أن تصمت، وها هو اتحاد أدباء البصرة يعلن عن الحياة بصوت القصيدة ضد كل أشكال الموت والعنف والفوضى.
الملتقى الذي أقامه اتحاد أدباء البصرة لم يفكر بموعد إطلاق الموازنة ولا بالدعم الحكومي، فقد جاء بجهود ذاتية ودعم بصري خالص عبر علاقات اتحاد البصرة بالجامعة وكلية كنوز، فكان على بساطته إعلانا صادحا بالجمال والحياة.
وانت في البصرة تشعر أنك في بيتك وحين تغادرها تشعر أنك مسافر حتى لو كانت وجهتك بيتك! هذا ما يشعر به كل الأدباء العراقيين والعرب؛ ولقد اقترحت البصرة الفيحاء مشاركة الأدباء العرب بطريقة ودية رائعة بعيدا عن التواصل الإلكتروني وتعثر أو انقطاع الاتصال.
فقد طلبت من الشعراء العرب أن يرسلوا نصوصهم ليلقيها عنهم شعراء البصرة بمنتهى المحبة والإبداع. لا وقت للتحدث عن الاعتراضات والجدل حول الهايكو وتأصيله وغربته؛ وليس لأحد أن يخوض فيه، فالصوت صوت البصرة والإعلان هو إعلان حياة بعد جمود، وما قام به البصريون يستحق كل أشكال الاحترام والثناء والتقدير.
للمرة الأولى كانت الجلسات النقدية لها علاقة بالنصوص المشاركة ولا غربة بين النقد والنصوص المشاركة في الملتقى، وهي تجربة كان معمولا بها في المربد قبل سقوط النظام الساقط وكانت تصدر في كتاب يضم النصوص المشاركة والجلسات النقدية؛ لذلك نتمنى على البصريين توثيق هذا الملتقى والعودة لتوثيق مهرجان المربد بكتاب يصدر بعد كل مهرجان، كي ينتفع دارسو الأدب والنقد من هذه الفعاليات الثقافية، حتى تدخل في إطار المنفعة العلمية وتتجاوز الأجواء الاحتفالية التي سرعان ما تنسى.
شكرا للبصرة على إبداعها ومبادرتها الكبيرة؛ ودوام الألق والإبداع لكل مبدعي العراق، وألف شكر للمبدعين العرب الذين وصلتنا أصواتهم بحناجر بصرية تحمل طيبة كلمة
(حبوبي).