حمزة مصطفى
قبل ثلاثة عقود انتشرت تنبؤات نوسترداموس، وتوقعات فرانسيس فوكاياما وصموئيل هنتغتون. شغلنا أنفسنا بداموس أكثر من فوكايا ردحا من الزمن، في وقت أعلن عن نظام عالمي جديد، سقط جدار برلين (1989) وانهار الاتحاد السوفيتي (1991). على صعيد داموس ربما كان الأمر مرتبطا بظهور الباراسيكولوجي وإنتشاره على مستوى الإعلام والتنجيم معا. للعلم كان الراحل الدكتور علي الوردي كتب عن الباراسيكولوجي كتابا في أوائل خمسينات القرن الماضي هو «خوارق
اللاشعور».
مع ذلك وعند نهاية كل سنة تظهر على مستوى الإعلام توقعات المنجمين من ماغي فرح وجاكلين عقيقي و«حط إيدك». لكن هذه التوقعات تكاد تكون بشكل عام ترتبط بحركة الكواكب والنجوم وعلاقتها بالأبراج، حيث تكون بعض الأبراج محظوظة في بعض السنوات وبعضها الآخر ليست كذلك. ومع التقدم العلمي والتقني الهائل ما زالت توقعات المنجمين، الذين ينسب الى النبي محمد (ص) حديثا بحقهم وهو «كذب المنجمون ولو صدقوا» وتنبؤات الخارقين من أمثال نوستر داموس والعمة بابا فنجا البلغارية العمياء التي ماتت قبل 23 عاما، أي في عز الصراع حول شكل النظام العالمي القادم. بمعنى هل سيبقى هذا النظام أحاديا بعد عام 1991 طبقا لرؤية فوكاياما في كتابه «نهاية التاريخ» الذي أعلن فيه إنتصار الرأسمالية، أو انتقال الصراع الى مستوى آخر وهو صراع حضاري ثقافي طبقا لنظرية صموئيل هنتغنون أم سيكون ثنائيا من جديد، لاسيما بعد بروز روسيا على عهد ضابط المخابرات السابق فلاديمير بوتين؟
لا هذا ولا ذاك. فالعالم أصبح تعدديا الى حد كبير خصوصا بعد بروز قوى دولية جديدة مثل الصين والهند والبرازيل، فضلا عن بروز قوى إقليمية جديدة مثل إيران وتركيا في وقت بدأت قوة أميركا تتراجع بعد غزوها إفغانستان عام 2002 والعراق عام 2003، ولم تعد تلك القوة المرهوبة الجانب ستراتيجيا طبقا لوصف المرحوم حسني مبارك «دي أميركا يابا». الآن نحن في لحظة فارقة من التاريخ. فبعد ظهور وباء كورونا الذي ساوى بين «الكرعة وأم الشعر» على صعيد النظم الدولية لم تعد توقعات فوكايا أو هنتنغون هي الحاكمة بقدر ماهي تنبؤات العمة فنجا التي .. «تنطيها
بالكصة».