حميد طارش
لم تتخذ الحكومة الخطوات الجدية في عملية الاصلاح الاقتصادي، فالمصانع الحكومية ما زالت معطلة، وربما تهالكت واندثرت اجهزتها ومكائنها، ولم تقم بأي عملية مناقشة مع القطاع الخاص للوقوف على مشكلاته ومحاولة معالجتها ودعمه في سبيل الاسهام في عملية البناء الاقتصادي وخلق فرص العمل للعاطلين
وهكذا الحال مع القطاع الزراعي، الذي لا يزال يعاني من عملية تنافس غير متكافئة مع المستورد الاجنبي، فضلا عن استمرار الهدر في المال العام، وسواء كانت بصورة النهب المنظم للمال العام او تزايد مستوى الموازنات التشغيلية والاهتمام بها على حساب الموازنات الاستثمارية.
وتأتي عملية زيادة سعر الدولار مقابل الدينار العراقي خطوة غير موفقة وبائسة، كونها لاتشكل البديل الاصلاحي، الذي يفترض أن ينصب على ماورد ذكره آنفا، وهي بالتأكيد لن تجدي نفعا ولايمكن الاقتناع بها او بجدواها، طالما ظل الاقتصاد ريعيا ومعتمدا على تسويق النفط فقط، أي بمعنى اوضح، لا يمكن اصلاح الاقتصاد برفع سعر الدولار، وانما بإيجاد موارد حقيقية
جديدة.
من جهة أخرى فإن رفع قيمة الدولار، تعد انتهاكا جديدا وصارخا لحقوق الانسان العراقي في الرفاهية والعيش الكريم والتعليم والصحة والثقافة، ونحن عشنا مرارة هذه الظروف، في ظل الحصار الاقتصادي، بالرغم من توفر الحصة التموينية والرقابة على الاسعار فما بالك وسط
غيابهما.
كما يمثل القرار المذكور انتهاكا آخر لحق الانسان في الادارة الجيدة، الادارة التي يجب ان تصنع قراراتها بالمداولة والتحاور مع المختصين، وان تكون منسجمة مع واقع الحال وباتجاه اصلاحه وان تستهدف خدمة المواطن وتكسب ثقته وان تكون خالية من المفاجآت، بل ومتوقعة من الجمهور وهذا ما يتطلبه الأمن القانوني، الذي يستهدف حماية الحقوق المكتسبة واستقرار المراكز القانونية، وقد اصبح من المسائل التي تحظى باهتمام الدول المتمدنة عن طريق الرقابة الشعبية والقضائية وغيرها من وسائل الرقابة الأخرى.