نوزاد حسن
في الواقع تعاطفت مع ذلك العامل البسيط، الذي تحدث عن خوفه من العام المقبل، كان يعمل باجر يومي في احدى الدوائر، ومفردة الاجر اليومي تعني عملا روتينيا بلا ادنى امتيازات، لكن ما كان يحس به هذا العامل من حيرة وقلق جعلني افكر في معنى العدالة الاجتماعية، ووظيفة رجل السياسة الذي يحصل على امتيازاته كاملة في حين يعاني هذا العامل وكثيرون غيره من قسوة الواقع الاقتصادي من حولهم.
أحسست انني اتحدث مع عامل في القرن التاسع عشر حين وصف ماركس حياة تلك الطبقة، التي كانت ضحية لراسمالي جشع يستغل العمال بلا رحمة.
هذا العامل الخائف من العام الجديد نموذج او نسخة تشبه آلاف النسخ الاخرى، التي نصادفها في كل مكان وهم يبحثون عن لقمة عيش تكفيهم.
لم يكن يحلم الا بالتعيين، او العمل في مكان يضمن له راتبا يكفيه، لكن كيف سيقاوم هجمة العام الجديد في ظل ميزانية تبدو له غير مفهومة، ذلك لأن كل ما يعرفه هذا العامل هو ان بلده ثري وفيه من الخيرات ما يجعله غنيا.
من جانب آخر فكرت في الاجراءات الاصلاحية لحالة الاقتصاد كما تحدث عنها وزير المالية، وحاولت ان افهم ما قيل، ومن خلال متابعتي وجدت ان اكثر المختصين اشاروا الى أن رفع سعر صرف الدينار، وغير ذلك من الاجراءات كان ينبغي ان تتم على مراحل، وليس بهذه الطريقة التي أربكت السوق والمواطنين.
لكن أن تحدثنا بلسان المواطن البسيط، فإن رفع سعر صرف الدولار سيؤثر في حياة الكثيرين دون ادنى شك، فلدى الانسان احتياجات لا بد من الحصول عليها، فكيف سيكون وضع المواطن ذي الدخل المحدود، حين يحتاج الى علاج لا يتوفر في المستشفيات الحكومية، او قد يتاخر بسبب الزخم في تلك المستشفيات؟ اضف الى ذلك احتياجات اطفاله المدرسية، كل هذا سيجعل الحياة قاسية علينا نحن ممن لا نملك امتيازات غير رواتبنا الهزيلة.
العام المقبل صعب لست أنا من يقول هذا، بل ممثلة الامم المتحدة في العراق السيدة بلاسخارت، واظن ان العامل بالاجر اليومي الذي حدثني عن مخاوفه، أدرك هذا بغريزة العراقي المعتادة على الالم، فهل ستمر عاصفة الاصلاح الاقتصادي كما يقولون بسلام؟