على الأرض السلام

آراء 2020/12/30
...

 شمخي جبر
 
 
تردد صدى ترنيمة (الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ) في جميع الكنائس العراقية، للاحتفال بميلاد السيد المسيح رغم أوضاع التباعد الاجتماعي الذي فرضه وباء كورونا، وهي دعوة للسلام والمحبة في عراق التنوع الديني والطائفي والعراقي، هذه الترنيمة العظيمة هي دعوة لتعظيم الله العظيم وإرساء السلام وإفشاء المسرة والمحبة، فتزينت الكنائس بأضواء الميلاد وأقيمت الصلوات والقداسات.
الاحتفال بالسنة الجديدة هو لحظة فارقة لمغادرة سنة كانت قاسية على العراقيين والعالم اجمع، لما الم بالعالم من وباء فتاك أصاب الجميع وفتك به وأوقف الحياة في جميع الدول، اذ لم يفرق بين دولة واخرى، غنية او فقيرة متخلفة او متقدمة، فكان الوباء عادلا في حركته وانتشار عدواه، لم يفرق بين غني او فقير او رئيس او مرؤوس، مع ان مواجهته لم تكن عادلة والوقاية منه كذلك فكانت وطأته على الفقراء شديدة، بعد أن توقفت الحياة والأعمال، فكانت آثاره الاقتصادية كارثية على الكثير من الدول والشعوب، فالأزمة الاقتصادية التي عمت جميع دول العالم ومنها العراق كانت لها انعكاساتها على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الامنية.الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة مع كل الفرح، يذكرنا بواقع آخر تمثل بما مر به العراق خلال صفحة الارهاب، التي كانت وطأتها على غير المسلمين أشد إيلاما.
فعصابات داعش الارهابية استهدفت العراقيين بجميع أديانهم ومذاهبهم، وكانت حصة المسيحيين منه مضاعفة، اذ تم تهجيرهم من ديارهم وتهديم كنائسهم واديرتهم بعد نهبها.
يشعر أي عراقي بالألم وهو يستمع الى حديث بطريرك الكلدان في العراق والعالم الكاردينال لويس ساكو الذي قال: «الدولة لم تقدم شيئاً للمناطق المسيحية التي تضررت من داعش، الكنائس والمنظمات هي من قامت باعادة ترميم المدارس وبعض الكنائس»،مضيفا ان «بيوت وعقارات المسيحيين زورت سنداتها وما زالت مسيطرة عليها من جهات متنفذة).
كنائس المسحيين واديرتهم في العراق تمثل ارثا حضاريا وثقافيا للعراقيين جميعا وليس للمسيحيين وحدهم، فهم اباء العراق وحاملو اصالة حضارته وابعادها الانسانية بجميع تنوعاتها.العراق مهبط الأديان السماوية وموطنها ومنطلقها لهذا ستكون لبابا الفاتيكان فرانسيس زيارة تاريخية للعراق في الخامس من آذار العام المقبل والتي قال عنها (تلازمني فكرة دائمة عندما أفكر في العراق، لدي استعداد للذهاب إلى هناك العام المقبل)، تمثل هذه الزيارة رسالة في السلام والتعايش والتسامح والمحبة بين العراقيين والعالم.تحتاج مجتمعات التنوع الاثني الى ايجاد سقف وطني حقوقي يضم الجميع تحت ظله، يوفر للجماعات تساوي في الحقوق والواجبات .ولايمكن ان يتكامل هذا الا من خلال ايجاد منظمومة حقوقية قانونية ودستورية تنظم العلاقة بيم المجموعات الاجتماعية وايجاد قواعد شراكة عادلة للجميع في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية.