اللواء الدكتور عدي سمير الحساني
يهدف النظام القانوني في الوظيفة العامة الى حماية المجتمع الوظيفي، الذي يضم أفراداً بمستويات مختلفة من التسلسل الهرمي، وذلك من خلال وضع قواعد سلوكية، الغاية منها حُسن انتظام سير المرافق العامة.
ولكننا اذا ما اطلعنا على القوانين العقابية، فإننا سنجد أنّ هناك أفعالاً دخيلة على الواقع الوظيفي، لم تكن ضمن واقع حال العمل الإداري في وقت من الأوقات، مثالنا على ذلك هو التنمر الإلكتروني الوظيفي، لاسيما في مجال العمل الأمني والعسكري والتي هي ذات طبيعة خاصة وحساسة بسبب نوع وحجم وخصوصية المهام الموكلة اليهم، والتي تختلف عن الوظائف الحكومية الاخرى في مؤسسات الدولة، لنظامها الخاص والمستقل والذي يتماشى مع طبيعة اعمالهم الخاصة في الحفاظ على أمن وسلامة الدولة والمجتمع.
هذه المهام والواجبات الخاصة والتي قد تجعل من العاملين فيها عرضة للطعون والتشهير بسبب تأديتهم لواجباتهم الوظيفية، والتي عادة قد تحمل طابعاً مقيداً للحريات او مانعاً لأفعال قد يراها المواطن صائبة وهي في نصوص القانون خاطئة وممنوعة.
لا بل قد يتعدى ذلك بأن يكون التنمر داخل البيت الوظيفي الواحد عندما تتقاطع المصالح او بسبب الغيرة والفشل من المرؤوس للرئيس او بالعكس، والذي يؤدي الى بث السموم الإلكترونية على الغير، من دون أي وجه حق مما يولد حالة من الإحباط الوظيفي والذي بدوره قد يجعل من العمل المؤسسي مساحة واسعة للتجاوزات من بعض ضعاف النفوس، والتي قد تنعكس سلباً على الأداء داخل منظومة العمل، وتولد أحقاداً داخلية تنعكس بظلالها على النتائج المفترضة.
ولعلنا اذا ما تعمقنا بأسباب التنمر الإلكتروني نجده امتداداً خفياً لأحقاد داخلية لدى العاملين داخل المؤسسات الحكومية تولدت من واقع حالهم في حياتهم الأسرية، والتي جاءت نتيجة الطبيعة العدوانية الداخلية والتي جعلتهم مزدوجي الشخصية، اي ما بين شخصية الموظف الحكومي، الذي من المفترض ان يكون ممثلاً للقانون وبين الشخصية الإجرامية الإلكترونية.
لذلك صار من اللازم تجريم كل من يجعل الموظف العام في موقع السخرية او الاستهزاء، لاسيما العاملين في المؤسسات الأمنية والعسكرية وفق النصوص القانونية التي جاءت بها قوانين الانضباط والعقوبات والتي احاطت الموظف بسياج قانوني مكهرب لحمايته، كونه يمثل هيبة الدولة وأداتها.