القاضي كاظم عبد جاسم
بهدف توفير الحماية القانونية وإيجاد نظام عقابي لمرتكبي جرائم الحاسوب وشبكة المعلومات ومكافحة الجرائم الالكترونية، التي رافقت نشوء ونمو وتطور نظام الحاسوب والشبكات وثورة تقنية المعلومات، ولما تنطوي عليه من مخاطر عدة تلحق بالمؤسسات والأفراد خسائر كبيرة باعتبارها تستهدف الاعتداء على البيانات والمعلومات وتمس بالحياة الخاصة للأفراد وتهدد الامن الوطني والسيادة الوطنية، وتضعف الثقة بالتقنيات الحديثة وتهدد ابداع العقل البشري ومن اجل توفير الحماية القانونية لنظم الحاسوب، التي تعمل الدولة على تشجيع الاعتماد عليها في الانشطة جميع هذه الأسباب المؤجبة لتشريع (قانون مكافحة الجرائم الالكترونية ).
حيث عرفت مسودة مشروع القانون الجريمة الالكترونية بأنها (هي كل فعل يرتكب باستعمال الحاسب الآلي او شبكة المعلوماتية او غير ذلك من وسائل تقنية المعلومات معاقب عليها وفق احكام هذا القانون )، حيث أورد المشرّع العراقي تعريفات لحاسب الآلي والبيانات وتقنية المعلومات والمحرر الالكتروني والبطاقة الالكترونية وشهادة التصديق الالكتروني، ونظام المعلومات والبرنامج الالكتروني والمعلوماتية ومزود الخدمة والبيانات الحكومية، ويهدف القانون الى حماية الأفراد والمجتمع من الجرائم الالكترونية وزيادة الوعي بمخاطر الجريمة، وتسري أحكام هذا القانون على أي من الجرائم المنصوص عليها فيه، سواء ارتكبت جزءا او كلا داخل او خارج العراق او امتد اثرها داخل العراق، وسواء كان الفاعل اصليا او شريكا او محرضا، على أن تكون الجرائم معاقب عليها خارج العراق مع مراعاة الاتفاقيات الدولية بهذا الشأن، وتضمن أحكام هذا القانون حرية الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الاعلامية في التعبير عن الرأي وحرية المعارضة الموضوعية والنقد البناء في الحدود، التي اقرها الدستور والقوانين النافذة.
وبينت مسودة القانون مكافحة الجرائم الالكترونية انواع الجرائم الالكترونية وهي جرائم التعدي على سرية وسلامة البيانات والمعلومات الالكترونية ونظم المعلومات وجرائم التهديد والابتزاز الالكتروني والجرائم الواقعة على البطاقة الالكترونية وجرائم النظام العام والآداب.
وإنَّ المشرّع العراقي جعل العقوبة المالية، إضافة الى عقوبة الحبس والسجن، حيث تراوحت أحكام الغرامة بين مليون دينار وخمسة عشر مليون دينار، والحبس بين مدة سنة الى خمس سنوات وعقوبة السجن الذي لا تزيد مدته على عشر سنوات، وهذه الجرائم تتمثل بالهكر الالكتروني والتنصت للرسائل الالكترونية وتدمير المعلومات المملوكة للغير والغاء البيانات والمعلومات، التي تمس الأمن القومي للبلد، او الاقتصاد الوطني وتهديد او ابتزاز شخص لحمله على القيام بفعل او الامتناع عنه، ولو كان هذا الفعل او الامتناع مشروعا وكل من استخدم اجهزة الحاسوب او ما في حكمها او شبكة المعلوماتية بقصد نشر او ترويج او شراء او بيع او استيراد مواد اباحية.
وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار عراقي ولا تزيد على عشرة ملايين دينار عراقي، اذا كان محل المحتوى الاباحي موجها الى حدث لم يكمل الثامنة عشرة من العمر، كما عاقب القانون كل من استخدم شبكة المعلوماتية او احد اجهزة الحاسوب وما في حكمها، كالهواتف النقالة في انتهاك حرمة الحياة الخاصة او العائلية للأفراد وذلك بالتقاط صور او نشر اخبار او تسجيلات صوتية او مرئية، تتصل بها ولو كانت صحيحة وكل من استخدم شبكة المعلوماتية او احد اجهزة الحاسوب وما في حكمها، بقصد الاعتداء على المبادئ او القيم الدينية او الاسرية او الاجتماعية، وهذا المفهوم جاء مطلقا.
ولم يبين المشرّع طبيعة تلك القيم ومن الجرائم الالكترونية استخدام شبكة المعلوماتية، بقصد تحريض او اغواء ذكر او انثى على ممارسة الدعارة، او في مساعدته على ذلك، وقد شدد المشرّع العراقي العقوبة على هذه الجريمة، اذا كان المجنى عليه حدثا لم يتم الثامنة عشرة من العمر ونص الفصل الثالث من مشروع القانون على اجراءات جمع الادلة والتحقيق والمحاكمة وذلك من خلال تأسيس محاكم مختصة بنظر الجرائم الالكترونية، وللقاضي المختص اصدار الاوامر لحفظ البيانات وتتبع المعلومات وضبط اجهزة الحاسوب، كما نص على اعتبار كل من حرض او ساعد او اتفق او اشترك مع الغير على ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون مساهما في الجريمة ويعاقب بالعقوبة نفسها للفاعل الاصلي، ويعاقب بنصف الحد الاقصى للعقوبة المقرر قانونا للجريمة في حالة الشروع، وتطبق احكام مسؤولية الشخص المعنوي المقررة في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل، ويلتزم الشخص المعنوي بالتضامن مع المحكوم عليه في الوفاء، بما ينجم عنه من غرامات وتعويضات، ويعفى من العقوبة المقررة بموجب احكام هذا القانون كل من بادر من المتهمين، سواء كان فاعلا اصليا او شريكا الى ابلاغ السلطات المختصة بالمعلومات عن جريمة وقعت لمخالفة احكام هذا القانون قبل الكشف عنها، فاذا تمَّ الابلاغ بتلك المعلومات بعد الكشف عنها يجوز للمحكمة المختصة اعفاؤه من العقاب، شريطة ان يترتب على الادلاء ضبط باقي المتهمين وقد نصت مسودة القانون على أن ينفذ القانون بعد مرور 180 يوما من تاريخ نشره.