ريسان الخزعلي
في كل مجتمع، يزاول أفراده مهناً متنوّعة، تتشابه وتتباين وتختلف في طبيعتها، إلّا أنها تشترك في قاسم واحد، أَلا وهو تقديم الخدمة للمجتمع، والمهنة
كإصطلاح تعني حرفة يدوية أو مكننيّة أو فكرية، تعتمد بالأساس على مجموعة معلومات وخبرات تخصصية ومهارات مكتسبة ومتميزة يقدمها الفرد لمجتمعه عند الإحتياج الآني أو المستمر، ولكي تكون المهنة نموذجية – كما يصفها ويحددها الباحثون والمتخصصون في مجال المهنة والمهنية – لا بد من توافرها على عناصر أساسية كي تكتسب صفة
النموذجية، ومنها: المسؤولية الفردية، تطبيق الخبرات الفنية النظامية بشكل دقيق،
دافع العمل للمصلحة العامة، الالتزام الأخلاقي في التنفيذ، تطبيق المقاسات العالمية التي يعتمدها نظام الجوّدة في العمل، استقامة السلوك المهني وتفاعله مع سلوكيات وحاجات المجتمع، وعي العمل النقابي المهني واشتراطاته.
وطبيعي أن مثل هذه العناصر، لا يمكن الوصول إليها إلا بوسائل محددة، منها: التعليم والتعليم المستمر المناسبان لكل مهنة، التدريب النظري والعملي، اللذان يسبقان ممارسة المهنة، الدورات التخصصية النوعية في المدارس المهنية والمعاهد والجامعات ومراكز التطوير، التقييم الدوري من خلال المتابعة والاختبارات النظرية والعملية، تنمية المؤهلات الثقافية العامة، الإطلاع على قوانين العمل
والخدمة.
إن العالم اليوم يشهد تطوراً علمياً وتكنولوجيا ومعلوماتياً غير مسبوق، مما ساعد الكثير من المجتمعات في استخدام هذا التطوّر في مجالات تعليم وتدريب وتطوير أصحاب المهن مهما كان مستوى تعليمهم وخبراتهم من أجل ضمان الحد النوعي في الأداء والتنفيذ؛ وبذلك حققوا الإنجازات التي شهدتها وتشهدها البشرية
عموماً.
وفي المفتتح الأخير، لابدّ من الإشارة إلى ضرورة الالتفات إلى تطوير المهن في مجتمعنا، لتكون مهَناً نموذجية، لاسيّما أن مجتمعنا زاخر بأنواع المهن، التي أثبتت حضورها وفاعليتها منذ أقدم العصور، ومثل هذا الالتفات سيمنحنا الفرصة السانحة، كي نستمر ونلحق بالذي يحصل في عالم اليوم.