أحمد حسين
ليس بجديد على الدينار العراقي انخفاض قيمته أمام العملات الأجنبية، فمنذ أن تهاوت كرامة العراق السياسية بالانقلابات العسكرية الرعناء، فقدت عملتنا قيمتها النقدية، حين لاحظ الآخرون أن السياسة في بلادنا هي من تتحكم بالاقتصاد وليس العكس كما هو جارٍ ومعمول به في معظم دول العالم، التي تحترم حكوماتها القيم الأساسية للسياسة والاقتصاد.
لست ضليعاً بالاقتصاد والسياسة المالية والنقدية لذلك لن أدخل في شرح تخصصي لأسباب انهيار الدينار العراقي أمام الدولار، الذي كان لا يقوى على تجاوز ثلث قيمة عملتنا ما قبل تسعينيات القرن الماضي، لكنني اتحدث هنا عن الحكومات التي أودت بحياة هذا الدينار المسكين، لأنني عايشت هذه الحقب الزمنية وكنت من ضحاياها وتبين ليّ أن سياساتها هي التي أودت بحياة الدينار العراقي، الذي اضمحل إلى درجة أنه لا يساوي ثلاثة سنتات أميركية في أواخر التسعينيات، فأصبح الدينار يعادل 3 % من الدولار.
بعد سقوط النظام السابق الذي مرغ كرامة العراق والعراقيين بالوحل، شهدت عملتنا انتعاشة افتراضية واستبشرنا خيراً بذلك وتوقعنا أن تستمر هذه الانتعاشة، حتى يستعيد دينارنا عافيته ويأخذ مكانته بين العملات الإقليمية على أقل تقدير وليس العالمية، لكن بقي الحال على ما هو عليه، بالرغم من الموازنات الانفجارية والاحتياطي النقدي الجيد وأطنان الذهب المودعة في رصيد العراق والفرص الاستثمارية الضخمة، رغم كل ذلك ما زال دينارنا السكران يترنح بين العملات النقدية الأخرى ولم يستعد توازنه.
مشكلة عملتنا ليست في اسمها، فالدينار الكويتي يعادل ثلاثة دولارات وثلث تقريباً والدينار الأردني يعادل دولاراً ونصف تقريباً، مشكلتنا الأساس أن حكوماتنا المتعاقبة، لا تنظر باحترام لعملتها الوطنية، وأصدق دليل على ذلك هو أن أغلب المسؤولين والسياسيين يحولون ما يتحصلون عليه من أموال الدولة إلى دولارات
ويكتنزونها خارج البلاد أو في خزائنهم الخاصة، مصيبتنا الكبرى أن السياسي المتحكم بمصير البلاد لا يترك المتخصص بالشؤون الاقتصادية والمالية والنقدية، يعمل بما يخدم البلاد والعباد، بل يختار مستشاراً يعمل لصالحه تحضيراً للانتخابات التالية وليذهب الدينار العراقي إلى
الجحيم.