نوزاد حسن
لا أظن أن الاحتفال بعيد تأسيس الجيش العراقي صار احتفالا تقليديا يمر علينا في كل عام، مستذكرين تاريخ هذه المؤسسة الحافل بالانجازات والمواقف، لن يكون قدوم عيد الجيش مجرد مناسبة رسمية تخص المنتسبين اليه، بل تخصنا نحن ايضا كأفراد أدينا الخدمة العسكرية في وقت عصيب.
بلا شك يعرف الاطفال الذين كان اباؤهم منخرطين في سلك المؤسسة العسكرية قاموسا خاصا عنها، فعن طريق الآباء يسمع الصغار حديثا عن النظام الصارم الذي يطبق على الجنود، وساعات التدريب، والفرضيات التي تقام في اماكن مختلفة ومتباعدة.
كنت أسمع وأنا صغير هذه المفردات، وكنت ارى في سلوك ابي انضباطا، وقدرة على التحمل منقطع النظير، ولا أخطئ لو قلت إنّه تعلم كل هذا من خدمته الطويلة في الجيش كما يتعلم اي بوذي أسرار تأمله.
روى لنا ابي اكثر من مرة حكاية زيارة الوصي عبد الاله الى معسكرهم، وكيف عاقب احد الضباط، لأنه رفض تعيين احد الجنود كمطوع، كما ان المعسكر حين كانت الخدمة الزامية لم يكن مكانا عاديا للتدريب، بل هو اكثر من ذلك، انه تجمع بشري يضم خبرات الضباط والمراتب وعشرات الطلبة ممن عادوا من الخارج وهم يؤدون خدمتهم العسكرية الالزامية، وكان من هؤلاء الأطباء بمختلف اختصاصاتهم، والمهندسون والمحامون.
يرافق طقس عيد الجيش ذكرى لا تنسى ابدا وهي انتظارنا عودة ابي وبيده كيسا، فيه حلاوة تعد في يوم العيد، وتوزع بين الجنود جميعا، ما زلت أتذكر تلك الهدية التي كانت تصنع من الدقيق والسمن والمكسرات، ومع مرور الوقت لا سيما بعد حرب الخليج الثانية اختفى اجمل ما في هذا العيد من بهجة، وخرج ابي متقاعدا براتب هزيل جدا، لكن ذكرياته بقيت له، يعيد حكايتها لنا بحسرة واضحة.
اذن هو تاريخ كبير بدأ منذ التأسيس عام 1921 بفوج تشرف بحمل اسم فوج موسى الكاظم، ومن ثم مرّ الجيش بحروب كثيرة كان بعضها مغامرة جلبت الدمار، والخراب وكان اخطر ما واجهه هذا الجيش هو زجه لاحتلال الكويت، وما تبع هذه المغامرة من عقوبات اقتصادية انهكت البلد، وتسببت في انهياره اقتصاديا.
لا توجد لدي امنية اجمل من أن أرى هذا الجيش قويا يضم بين صفوفه جميع العراقيين من دون تمييز، ويكون سورا للوطن كما يقال.