الجيش والهوية الوطنية

آراء 2021/01/06
...

 عماد جاسم 
 
 
قد يتخوف الكثيرون في مجتمعنا اليوم من التوجهات المطالبة، بضرورة عودة التجنيد الالزامي وتبرير ذلك معلوم طبعا بفعل ذلك الارث، الذي رافق ارتداء الملابس(الخاكية) من حروب حمقاء ومعارك طاحنة، صنعت في وجدان العراقيين وشما من الحزن المستدام بفقدان الرياحين الشباب، جراء تمرد اهوج لقيادات لم تفلح في استثمار ذلك الخاكي في ابقائه ضمن أيقونة الوطنية كمدافع عن الارض وليس مستلبا او غازيا! لكن ثمة رغبة تدعم الآراء التي تحبذ اقرار قانون الخدمة الالزامية بوصفه القانون الذي يجعل من شباب البلاد على اختلاف تلاوينهم في خندق موحد، متجاوزين هوياتهم الثانوية او انتماءاتهم الطائفية او العشائرية لينصهروا في بوتقة الارتباط، بمسمى الوطن الذي سينزع عنهم تلك الارتباطات الجانبية والتي شارفت على تحجيم فكرة المواطنة في اذهان، أخذت تنصت لنداءات التشظي والانقسام المذهبي او الطائفي. 
بعد أن بات ارتباطهم بالدولة مؤسسا على ولاءات تهيمن عليها ارادات الزعامات، التي تستنثر حاجات الشباب للعمل او الوظيفة، وما من حل الا ارضاء رغبات تلك الزعامات التي اهملت فكرة الدولة باتجاه تكوين المجاميع الشبابية الخاضعة للمكون او للعشيرة، وهو استلاب حرفي لفكرة المواطنة التي تعد اخر الرهانات الضامنة لوحدة البلاد وافشال مخططات التقسيم او مخططات التجهيل الجمعي او الرضوخ الجمعي لجبروت الاقطاع الجديد، في مجتمعات تسعى لامتلاك ناصية التحضر والاسترشاد بتجارب البلدان
 المتطورة .
 ويأتي خيار الاهتمام بفكرة صناعة الجيوش على أسس المواطنة والمساواة ليكون الخيار الامثل في ظل هواجس تقزيم رهانات الدولة، ولا مناص من حتمية العمل التضامني، لإعلاء شأن الجيش العراقي الذي اظهر اروع صور التضحية في مقارعته لعصابات داعش في السنوات الاخيرة، ليؤكد قدرته على ايضاح بريقه الوطني وتفوقه المهني، نازعا عن نفسه اي ولاءات جانبية ومحققا نصره الاثير بالرغم من كل
 الصعوبات. 
ويبقى التعويل على تبني خطط الاصلاح الاداري هو المطلب الاهم لتعزيز دوره الريادي وتمكينه من ترسيخ القيم الوطنية، لتكون من ثوابته القائمة ومحدداته في رسم مساعي التوظيف الايجابية برفع راية حماية الارض اولا تعزيز روابط الافراد والجماعات في البلاد المتعطشة لقوة الدولة، التي تمنح الناس فضيلة الامان وهي من ركائز العيش المشترك وتحقيق الديمقراطية المنشودة، التي لا بدّ ان تستند الى معطيات بناء الدولة الرشيدة في ظل بناء مؤسسات عسكرية تحترف المواطنة منهجا في السلوك والعمل وتضمن الانحياز لفكرة العمل الجمعي في احترام كل المكونات والجماعات، وفق آليات الدولة القوية والرحيمة في آن
 واحد.