حميد طارش
المساواة وعدم التمييز فكرة قديمة صرحت بها الأديان ونادى بها الفلاسفة، لكنها ظلت محل مشكلة كبرى في حياة الانسان، والمساواة كحق الحياة من دونه لا معنى للحقوق الاخرى، أي بغيابها يختل التمتع بالحقوق الاخرى ويقع الظلم والطغيان والتخلف والتناحر والكراهية والحروب، ومن هنا جاءت المناداة بها في اعلانات الثورات التاريخية الكبرى والاعلانات الدولية لحقوق الانسان، وهذا يدلل على انها هي السبب وهي المشكلة التي تحول دون تقدم المجتمعات
ورخائها.
النصوص التشريعية لاتحقق المساواة الفعلية وانما المساواة الشكلية، التي طالما زخرت بها دساتير الطغاة، أي ليست المساواة الفعلية المطبقة والمتاحة للجميع، كما ان واجب الحكومة لا يتوقف عند تنظيمها بالتشريع وانما جعلها متاحة بالفعل، لذلك أنشئت العديد من الآليات الدولية والوطنية لحماية حقوق الانسان وتأمينها لجميع الافراد من دون تمييز، واصبحت الحكومات الصادقة والمخلصة محل احترام وحب وتأييد الافراد لها، بخلاف الحكومات المستبدة والمتخلفة التي ظلت موضع ازدراء وشجب الافراد
لها.
عدم التمييز أخذ صورا متعددة، تبدأ من سلوك الانسان بالتمييز بين افراد اسرته لتمتد الى مجتمعه بسبب التقاليد الاجتماعية البالية، وقد يقوم بالتمييز بين المستفدين من خدماته،عندما يكون موظفا او مكلفا بخدمة ما، لا لسبب منطقي، وانما فقط لانه لم يرتح الى احدهم كما يعبّر هو عن ذلك.
الصورة الاخرى عندما يكون التمييز أداة السياسي في تكوين جمهوره الانتخابي على اساس طائفي او قومي او مناطقي، وهذا اعلان صريح بالفشل لاعتماده جريمة التمييز، بدلا من البرنامج الانتخابي القادر على كسب الناخبين وهو بذلك خالف نص الدستور والقانون على المساوة وعدم
التمييز.
واما الصورة التي مثلت صناعة سياسية عراقية بامتياز هي التمييز على اساس حزبي فكل ( مكاسب) الكيان السياسي من الوزارات والهيئات المستقلة، هي لاعضائه وليست للطائفة او القومية او المنطقة بحسب اعلان قادة التمييز، وهذه المسألة تدفعنا الى التأمل والحزم بألا نظل موضوعا للتمييز او محرومين بسبب التمييز، اي عدم القبول بالتمييز ولاي سبب من اسباب التمييز.