محمد اسماعيل
يصدق العرافون في نبوءاتهم، وليس دائما يصدقون، لأن الحكمة التي اشتهرت على ألسنة العامة من الناس، على أنها حديث نبوي شريف، والبعض يظنها آية قرآنية كريمة، والتي تنص على أن «كذب المنجمون ولو صدقوا»
تعد هذه الحكمة، عبارة تامة البناء.. شكلا ومعنى، وهي بذلك مكتفية بنفسها، تمام الاكتفاء، الى حد الإعجاز البلاغي المقنع، الذي جعلها توحي لمتداولها بقدسية، تبدو مقتربة من الحديث النبوي الشريف والى مستوى آية قرآنية كريمة نصا فقهيا وإن لم تأتِ.. لا من مفتٍ ولا من إمام.
هذه الحكمة الشائعة، يقرأها بعض الناس:» كذب المنجمون وإن صدفوا» لأنها موروثة عن عهد لم تكن الحروف قد نقطت خلاله.
في حين روى الامام أحمد بن حنبل أن: «صناعة التنجيم وتصديق أهلها كل ذلك محرم بإجماع الأمة» مؤكدا في فتواه التي تحمل الرقم 26176: «من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر» لكن ما حيلة المضطر إلا ركوبها؛ لأن العراق سادر في غيابات التدهور المفتعل بقصدية، من قبل منتفعين أشاعوا الفساد؛ كي يضيع أبتر بين البتران، وتصبح النزاهة استثناءً مؤشرا، بل ويقصى النزيهون! لذلك فإن الشعب الغارق في الجوع والإرهاب وغياب الخدمات وهدر الثروات في مشاريع وهمية وبطالة، دأب على أن يتمسك بقشة تطلقها العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف، تنص على أن: «2021 سيكون عام الحسم والسيطرة، إذ ستستعيد الحكومة العراقية سلطتها، متمكنة من حسم الانفلات الذي تنوء بثقله بلاد الرافدين» بعد أن فقدت الحكومات المتعاقبة قوة الدستور، الذي سفهته المحاصصة اللا دستورية، وباتت أية حكومة لا تجيء إلا بقرار من خضراء الدمن، التي همشت
الدولة.
وتحت هذا الضغط الخرافي من الفاقة والقهر واللا قرار، يتلاقف العراقيون نبوءات العرافين بفرح، مبتهجين بأمل مؤكد عدم مجيئه، بعد أن بات السياسيون يلتفون على مصطلح «خط الفقر» الذي يرزح تحته خمسة وثلاثون بالمئة من الشعب، بتسميته «خط الكفاف» وائدين أي أمل بالنزاهة او انتعاش الاقتصاد العراقي؛ ولكن الامل تصنعه الشعوب من خلال صناديق الاقتراع، التي يعاقب من خلالها الفاسد والفاشل ويثاب النزيه والوطني المخلص للشعب والوطن.