حسين المولى
الواضح الجلي أن الهدف الأساس من العقوبة للمحافظة على ديمومة سير المجتمعات بطريقٍ خالٍ من التصرفات، التي تؤثر في أمن واستقرار هذه المجتمعات، والهدف الأسمى للعقوبة هو إعادة تأهيل الجاني وإرجاعه للمجتمع إنسانا سَوي يحافظُ على القيمِ المجتمعية، وهذا ما حصل في القوانين العقابية الحديثة لكثيرٍ من الدولِ.
الجدير بالذكر أن البدائل لا تُلغي العقوبة ولكنها تقيد الجاني بمجموعة من القيود التي لا تؤثر على حياته الخاصة، فكما هو معروف أن عقوبة السجن أو الحبس لا تكفي لوحدها في تأهيل الجاني طالما أنها لم تَقْرِن بمجموعة من أدوات التأهيل التي يحتاجها الجاني.
لذلك أصبحت هنالك حاجة مُلحة في تحويل مجموعة من العقوبات سالبة للحرية بمجموعة من البدائل ومنها المراقبة الإلكترونية، حيث تُعد المراقبة الإلكترونية من البدائل الحديثة جِدًّا في سبيل استبدال العقوبات المقيدة في جرائم مُعينة، حيث تُمكن المراقبة الإلكترونية من البدائل التي تجنب مساوئ ومثالب العقوبات السالبة
للحرية.
حيث يمكن تعريف المراقبة الإلكترونية بأنها طريقة حديثة لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية قصيرة الأمد خارج السجن، وذلك بإلزام المحكوم عليه بالمكوث في مقر إقامته أو في أي مكانٍ آخر محدد ويكون هذا المكوث محددا بساعات يحددها القاضي، وهنا يستطيع المحكوم عليه ممارسة عمله أو الاستمرارية في الدراسة وغيرها من الأمور الحياتية، ويكون ذلك من خلال تطبيقات اَلتِّقْنِيَّة الحديثة، ويكون من خلال جهاز إرسال يوضع بيد المحكوم عليه، حيث يُمكّن مؤسسة الإصلاح والتأهيل من التأكيد بتنفيذ العقوبة.
لأجل تطبيق هذا النظام لا بُدَّ من صدور حكم نهائي يقتضي بعقوبة سالبة للحرية، وبعد ذلك يقوم القاضي بتطبيق عقوبة بديلة حسب الشروط المحددة قانونًا، كما هو موجود في البدائل الأخرى مثل الإفراج الشرطي أو الوضع تحت
الاختبار.
من التطبيقات العملية لهذا النوع من البدائل حيث طُبق في الولايات المتحدة الأميركية منذ عام 1987 وأدمج السوار الإلكتروني مع تدبير آخر هو البقاء في البيت، أما تطبيقه في كندا وبريطانيا في عام 1989، وفي فرنسا جاء قانون الإجراءات الجزائية بآخر تعديل له لعام 2020 في القسم السادس منه وقد رفدَ العدالة بمجموعة من الضوابط للمراقبة الإلكترونية.
وحين الولوج للتشريع العراقي لم نجد هنالك نصوص واضحة لبدائل العقوبات السالبة للحرية وخاصة المراقبة الإلكترونية، ولكن حَسننًا فعل المشرع في قراءته الأولى لمشروع قانون استبدال العقوبة السالبة للحرية بالغرامة، حيث نجد هنالك رؤية في سبيل تطوير هذه النوع البدائل التي تُساهم في تأهيل وإعادة الجاني للمجتمع كإنسانٍ
سَوي.