هل ثمة فلسفة للدولة؟

آراء 2021/01/09
...

  خالد خليل هويدي

علّمتنا اللسانيات أن أي نظرية لا تقوم على رؤية فلسفية واضحة ومحددة، تعتمدها أساسًا لتصوراتها هي نظرية قاصرة، وسرعان ما تتلاشى، وتفقد أثرها، ولو بعد حين، فالغطاء الفلسفي للنظرية يمكّنها من تدعيم بنائها الداخلي، ويمكّنها أيضا من الإجابة عن مختلف الطعون والنقودات التي يمكن أن توجّه إليها. 
أستحضر هذه البديهة اللسانية والعلمية أيضا لأسأل، هل تمتلك دولتنا فلسفة خاصة بها؟
لعل من نافلة القول التذكير بأن وجود فلسفة خاصة بالدولة تتضمن نظرة كلية للكون والحياة والإنسان تتفق مع مبادئ المجتمع وقيمه وتطلعاته أمر لا بد منه.
ويؤكد الباحثون في هذا الشأن ضرورة أن تمتلك الدولة أي دولة فلسفة خاصة بها، أو رؤية تحاول تضمينها مختلف مناحي الحياة العلمية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وتحاول صياغة أجيالها في ضوء تلكم الفلسفة، التي تعتقد بنجاعتها. 
فالدولة ذات النزعة الاشتراكية تعمد إلى تحويل توجهاتها إلى واقع يتخذ من المناهج الدراسية وسيلة مهمة في تغذية الطلبة فلسفتها ورؤيتها للحياة، وإلى مثل هذا تسعى الدول ذات النزعة الرأسمالية أو الإسلامية. 
أتذكر جيدًا أن عراق ما قبل 2003، وهو عراق قومي، تمكن النظام، حينها من تحويل رؤيته إلى واقع لمسناه في المناهج الدراسية، التي تستدعي القيم القومية، ولمسناه أيضًا في تسميات المدن والشوارع، وحتى أسماء المواليد الذين ولدوا في تلكم المرحلة. 
أسأل الآن هل عراق ما بعد 2003 يمتلك فلسفة أو رؤية ضمّنها مناهجه الدراسية، أو عبّر عنها في مناحي المختلفة؟ 
هل توجد فلسفة خاصة بالسياسة المالية المتبعة في إدارة الدولة؟
هل نحن دولة اشتراكية؟
هل نحن دولة تسعى إلى أن تتحول إلى دولة ذات نزعة رأسمالية، تعتمد أسلوب التجارة الحرة؟ 
هل نحن دولة إسلامية، تحاول استلهام مبادىء الإسلام، وتحويل تلكم المبادئ إلى طريقة حياة؟
إن نظرة خاطفة في مناهجنا الدراسية، بوصفها أهم علامة توضّح الفلسفة التي تتبعها الدولة تشير بوضوح إلى أننا دولة تفتقر إلى فلسفة محددة وواضحة تؤمن بها، أو تحاول أن تجعل مواطنيها يؤمنون بها.