التحالفات والتفاهمات، التي تحدث بعد الانتخابات علامات مشروعة حول مدى استناد هذه التحالفات الى محددات وأبعاد ستراتيجية ترتكز على قيم ومبادئ وتوجهات متقاسمة بين الاحزاب المتحالفة، المهم عندنا نحن المراقبين ان تكون هذه التحالفات ضمن برنامج وطني انمائي يتناغم مع مشروع اقتصادي اصلاحي، يقوم بخلق بيئة استثمارية، لتبدأ عملية الاعمار وخلق فرص عمل، لكي تُمتص البطالة، والتي هي قنبلة موقوتة داخل المجتمع.
ناهيك عن ان يكون هذا البرنامج محركا لقطاعات الزراعة والصناعة والسياحة وضبط المنافذ الحدودية، واستغلال فائض الحاجة المتوفرة من تصدير النفط، كون العراق دولة يعتمد اقتصادها على مبيعات النفط، وتظهر التحالفات والائتلافات بصورة أوضح في الأحزاب السياسية والتيارات، عندما لا يحرز حزب واحد، او التيار الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة، فيضطر للائتلاف مع غيره من الأحزاب المتقاربة معه في الفكر، فيتحالف معها. ومنذ عشرينيات القرن الماضي والتغيرات السريعة هي صفة النظام السياسي في العراق، وعلى الرغم من ان التغيرات يمكن ان تؤشر الى انها تطور في أي نظام، الا انها في الحالة العراقية، قد اخذت ابعادا تصارعية عنيفة، خاصة بعد 2003 بالرغم من أن التحالفات الحزبية، هي شكل من أشكال التحالفات السياسية، التي تشهدها الأنظمة الديمقراطية التعددية القائمة على مبدأ التعدد الحزبي والأيديولوجي، المرسِّخة لمبدأ التنافس السياسي الحر لتأسيس حكم الأغلبية، ونحن في هذه الحالة نعول على التحالفات الجديدة في انتخابات 2021، وحالة التفاؤل هذه مؤداها في انتخاب وجوه جديدة، نتمنى ان تستوعب سلبيات الدورات الانتخابية، التي سبقتها، وكما قلنا تقدم برنامجها الاصلاحي، لذا نعول على تحركات التحالفات الجديدة في مخرجات هذه التحركات، واخراج حكومة تتبنى الاصلاح والاعمار ومحاربة الفساد وتقوية سطوة القانون، وجعل المنصب الحكومي يصب في خدمة بناء الدولة والمواطن، وألا يكون مزاداً للمنافع الشخصية والحزبية، وكل هذا لايحدث اذا لم توجد معارضة ايجابية داخل البرلمان، فالاستغراب في التجربة العراقية الكل يدخل في الحكومة، ولذا يكون الاداء الحكومي رتيبا وتكثر فيه الاخطاء، وعلى هذه القوى السياسية المتحالفة أن تتفادى استمرار الصراع والالتفات إلى معاناة المواطنين وعدم الاستهانة بمشاعرهم وآلامهم وعدم خذلان من أوصلهم الى الحكم والمسؤولية وولاّهم إدارة شؤونه العامة، ونتمنى من التحالفات الجديدة توجيه الحكومة الجديدة لمشروع تنموي مجتمعي في إطار رؤية شمولية ونسق فكري منسجم ومتكامل، والابتعاد كما قلنا عن التقاطعات وعن الآنية والظرفية، التي تحكمها معايير ودوافع براغماتية نفعية.