الحقيقة كابوس والوهم حلم!

آراء 2021/01/11
...

   أ.د. عامر حسن فياض
 
قيل إن «من يزرع الريح يحصد العواصف»، ونقول إن من يوهم الشعوب بحلم «يكرمهم» بالكوابيس!
إن المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية كانت وستبقى تداعياتها متواصلة، لأنها معركة تجذرت وتعمقت بعد ان كانت لا تمثل اكثر من عملية اجرائية احتفالية عبر التأريخ السياسي الرئاسي الأميركي.
والأرقام كما المعلومات تحدثت عن أغلبية ديمقراطية في مجلس النواب الأميركي وتعادل عددي في مجلس الشيوخ والحاصل ان المعترضين على النتائج وهم الاقلية موزعين ما بين (140) عضوا جمهوريا (من 435 عضوا جمهوريا وديمقراطيا) في مجلس النواب و(12) عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ (من 100 عضو جمهوري ديمقراطي)، والمصادقة لن تتعطل بهذا العدد، لأن الارادة الحاكمة هي الارادة الشعبية وممثليها (المجتمع الانتخابي الاميركي) المنتخبين لمجلس الكونغرس.
في الحديث عن الزرع والحصاد، يتمثل الزرع ببصمات الحلم الوهم وسلوكيات ترامب على الداخل الاميركي وخارجه على مستوى الداخل الاميركي، فقد تجذرت الشعبوية اليمينية العنصرية المتطرفة وتعمقت الانقسامية المجتمعية المتصارعة، وعلى مستوى الخارج الاميركي تزاحمت كوابيس الحلم وتدافعت حماقات ترامب بالتوازي معها لتصل الى عدم الاكتراث بالحليف الغربي وعدم الاحترام للاتباع الشرقيين والتصرف بحماقة مع الخصوم.إن زراعة تلك الحقائق الكابوسية المتثوبة بالحلم الوهم، جعلت الادارات الاميركية المتعاقبة وأنصعها إدارة ترامب تراهن على عواصفها الضارة بالشعوب، فكان حصاد زرعها شعبوية متطرفة وانقسامية متقاتلة، فأي حلم هذا يجوع الشعوب؟ انه كابوس، وأي حلم هذا يحاصر ويعاقب ويقهر الشعوب؟ انه كابوس، أي حلم هذا يبيد السكان الاصلين ويخنق السود ويكره الملونين ويحتقر المهاجرين، انه كابوس!
نعم الرأسمالية لم تعد جديرة بتجديد نفسها بقدر ما إنها جديرة بتوحش نفسها، لأن الرأسمالية عندما تتوحش تغادر التجديد وتمضي في الطريق الذي يُعبر عن جوهرها المتوحش، والعيب ليس بها بل بمن لا يفهمها أو لا يريد فهمها ويبلع أوهامها، فيرى في البلطجة شجاعة وبرحمنة اسرائيل شيطنة لإيران وبنهب ثروات الشعوب شطارة، وبمعاداة المقاومة مكافحة للارهاب، وبدعم الارهاب مناصرة للثورات وبأمن اسرائيل سلاما للمنطقة، وبالفتن الطائفية حماية للاقليات، وبنشر الفوضى ديمقراطية.
اخيراً، ولان عيوب الاخرين ليست ملاذاتنا فلا نراهن على انهيار دولة أميركا مهما غلبت كوابيس إداراتها وتواصلت وستتواصل على حساب الحلم الاميركي، بل علينا أن نراهن على أنفسنا ونلوذ بحسنات شعبنا وكل شعوب الارض.
وبكل الاحوال علينا أن نخشى على أنفسنا كشعوب ونفكر كعقلاء ونعمل كبناة على المستوى الزمني القريب نتحالف مع مشروع المقاومة للرأسمالية المتوحشة ومشروعها التدميري للدول الوطنية الحرة المستقلة، وعلى المستوى الزمني البعيد نسعى للاكتفاء الذاتي النسبي في قوت شعبنا ودواء شعبنا والمعرفة لشعبنا وأحلامه الوطنية الانسانية، بعيداً عن كوابيس الحلم الاميركي
 المتصهين.