ثلاثة أشياء يمكن أن يفعلها جو بايدن

آراء 2021/01/11
...

 روبرت كابلان  ترجمة: أنيس الصفار  
 
ثلاثة أشياء تتطلبها السياسة الخارجية الأميركية: الاحتراف وإدارة الازمات والرؤية المستدامة بعيدة الأمد.على مدى السنوات الأربع الماضية انتهى الحال بالعديد من المناصب وعلى جميع المستويات، أما الى البقاء شاغرة او الى تنصيب مسؤولين فيها لا يمتلكون ما يكفي من الخبرة او المؤهلات، كانت نتيجة ذلك هي انكماش بصمة السياسة الأميركية في كل مكان من العالم وعبر ازمات لا عد لها،

بوسع الرئيس الجديد الآن أن يصلح الكثير من الضرر، الذي حدث على مدى السنوات الأربع الماضية بمجرد الإسراع بتنصيب أشخاص رفيعي المؤهلات لشغل المواقع الإدارية، في كثير من الأحيان كانت الكفاءة غائبة، وحتى الكفوئين نالت منهم الخيبة فوهنت همّمهم، لذا ينبغي عدم التهوين من أهمية الأثر الديناميكي الذي سيحدثه مجرد تولي قيادات كفوءة زمام الأمور في جهاز الخدمة الخارجية والمناصب المدنية في
 البنتاغون.
الطريقة التي تعامل بها الرئيس «دونالد ترامب» مع جائحة «كوفيد- 19» هي مستند الاثبات «أ» في سوء إدارة الأزمة، فالأزمات ليست مسرحاً لجذب الانتباه، بل لحسن توظيف الطاقات من اجل إحراز نتائج مؤثرة. على الرئيس المنتخب «جو بايدن» أن ينتخب فريقاً للأمن القومي ذا مقدرة على التعامل مع الأزمات بانسجام ونسق، بعيداً عن الأوهام الحالمة. 
أعظم إدارة للازمات منذ حقبة نكسون وفورد تجسدت في فريق الرئيس «جورج بوش» الأب، فمواقفهم ازاء أحداث «ميدان تيانانمين» وسقوط جدار برلين والغزو العراقي للكويت كانت باهرة وفائقة للتوقعات آنذاك، وهذا هو المعيار الذهبي الذي على بايدن أن يضعه نصب عينيه، لا تذهب الأوهام بأحد فيتخيل العكس، لأن الأزمات آتية وهي كثيرة في كل مكان من هذا العالم شبه الفوضوي الذي هو عالمنا، وسوف يكون فيروس كورونا وارتداداته الاقتصادية من العوامل المعززة لها.
أما الرؤية المستدامة طويلة الأمد فإنها تعني التعامل الإيجابي مع العالم برمته مع السعي في الوقت نفسه الى تجنب الانتشارات العسكرية كبيرة الحجم، الانعزال ومحاولة التوازن الخارجي عن بعد لم يعودا مناسبين لعالم بات اليوم اكثر ترابطاً وأشد هلعاً ازاء الانغلاق من اي وقت مضى في التاريخ. ما من مكان في الدنيا اليوم إلا وله أهميته، حادثة تقع في افريقيا فينعكس أثرها في العلاقات الأميركية الصينية، لذا يجب ان يبقى هدفنا هو التعامل الدبلوماسي في كل مكان مع الانتباه والحذر من الانجرار الى مستنقع في اي مكان.
عصر التنافس بين القوى العظمى يجب ألا يعني التصادم الايديولوجي الوجودي، فالتصادم يكون الهدف منه هو تغيير انظمة الحكم، في الصين وروسيا مثلاً، ولكن علينا ان نكون منفتحين لتقبل صفقات أقرب ما تكون الى المصالحة مع هذه الأنظمة لأن الاستدامة بعيدة الأمد في السياسة تعني وجود حدود وأهداف، والشعب الأميركي لم يوقع تعهداً بأن يغيّر الأنظمة في كل مكان.
رغم هذا تبقى أميركا هي الديمقراطية القائدة في العالم، لذا علينا العودة الى الترويج للمجتمع الليبرالي وحقوق الانسان لكن مع حدود نرسمها في اذهاننا ولا نتعداها. الديمقراطية ليست انتخابات فقط بل هي بناء مؤسسات، ولهذا السبب علينا ان نصبر لأننا إذا ضربنا المثل الصحيح سيتبعنا الآخرون، لاسيما حين يجادل البعض بأن المثل الذي ضربه الرئيس الأميركي لا يزال اكبر المتغيرات المستقلة في النظام الدولي.
التعافي من آثار أربع سنوات ممكن ولكن بشرط ان نعود الى النظام الإداري المحترف ونكبح انفسنا من دون الانزلاق الى عزلة جديدة. العالمية الواقعية هي النظام المطلوب لهذا الزمن وعهد بوش الأب يجب ان يكون انموذجنا وقدوتنا. 
 
عن موقع «ذي ناشنال إنتريست»