سعد العبيدي
مرت في هذا الشهر كانون الثاني مناسبتان وطنيتان، ترجع الأولى الى الذكرى المئوية لتأسيس الجيش العراقي، جيشا وطنياً أدى المهمة الملقاة على عاتقه في الدفاع عن الوطن، وتعود الثانية الى الذكرى التاسعة والتسعين لتأسيس الشرطة الوطنية العراقية، شرطة مهنية أدت الأمانة بكفاءة واقتدار.
لقد احتفلت الدولة بالمؤسستين الوطنيتين في استعراض عسكري، كان مهنياً قدم صورة جميلة للعسكرية العراقية، التي يتمنى المواطن عودتها الى تألقها وسمعتها، التي ملأت العقول لعقود زمنية متتالية، واستعراض شرطوي لا يقل ألقاً عن العسكري أثار في نفوس المتلقين الرغبة في إبقاء صورة الشرطة مؤسسة أمن فاعلة في عموم البلاد.
مناسبتان عزيزتان على النفوس العراقية، تدفع العراقيين الى المناداة والطلب من الدولة الى بذل المزيد من المساعي لتعزيز وجودهما وطنياً، لأنهما الصورة المشرقة لهذا الوطن، وكذلك الطلب من المؤسسات السياسية والسياسيين في المشاركة بعملية التعزيز من خلال السعي الجاد لإبعاد هاتين المؤسستين عن التحزب والحزبية التي يفضي وجودها في داخلهما الى تدمير بنيتهما التحتية وتعريضهما الى الانهيار. إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار ان العراق يمتلك خبرة حزبية سلبية طويلة الأمد في هاتين المؤسستين، إذ وعندما دخلتهما الحزبية البعثية بعد عام 1968، تدنت مستويات الضبط داخلهما وقلت مستويات الأداء وتحول الولاء من ولاء لازم الى الوطن الكبير، لولاء مائل الى الحزب والحاكم رئيس الحزب، وجعل في المحصلة النهائية الجيش بأكمله والشرطة في عمومها منظمات حزبية وليست مؤسسات عسكرية أمنية لها معاييرها وقيمها الخاصة.
إنها خبرة طويلة تدفع الى الاستنتاج أن الحزبية في المؤسستين آفة هدم لا بد أن يتنبه اليها أهل السياسة ويعملون على الحيلولة دون الإصابة بها كاستحقاق وطني، يسمح لهما بالسير على الدرب الصحيح لإعادة الأمن والاستقرار.