هولاند ووزير عراقي

آراء 2021/01/12
...

 نوزاد حسن
 في معرض بغداد الدولي للكتاب الذي أقيم مؤخرا في بغداد، شاهدت وزيرا للكهرباء في إحدى الحكومات السابقة، كنت اسير خلفه ولم أكن اعرف من هو، فجأة استدار في حركة مفاجئة لا داعي لها، وكأن أحدا نادى عليه، توقف لثوان معدودة وهو ينظر حوله، كما لو كان يريد أن يحصي عدد العيون، التي كانت تراقبه، فهو وزير سابق، ووجه اعلامي ايضا، ومن حقه ان يتمتع بامتيازه الذي يشعره بالتفوق والسعادة، في لحظة استدارته أستطعت أن أتفادى النظر اليه، لا أعرف كيف فعلت هذا الامر؟ فمن الطبيعي أن تنظر لشخص يسير امامك اذا ادار وجهه اتجاهك بصورة مفاجئة، لكني لم أنظر اليه، لقد تجاهلته تماما، استغربت لسرعة استجابتي العفوية، وسرقت نظرة الى من حولي، فرأيت انشغال الكثيرين بتصفح الكتب وقراءة عناوينها.
 قد تبدو هذه الحادثة عادية جدا، فالكثير منا يصادف أحد المسؤولين في مكان ما، وقد يفكر هذا المسؤول بعد عودته الى البيت بالحفاوة التي استقبل بها، وعدد المصورين الذين التقطوا له الصور.
 اعترف أن ما جعلني اكتب عن هذه الحادثة بهذا التفصيل هو قراءتي لمذكرات الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، فهذا الرئيس الذي كان رئيس بلدية في مدينته «تول»، وبعد ذلك شغل منصب رئيس مجلس اقليم كوريز العام، كان حتى لحظة انتخابه يتسوق من المدينة، ومن الملفت كما يشرح لنا هولاند ان عملية التسوق تلك كانت محاولة لمراقبة لوجوه الناس المتواجدين حوله، فالأفكار كما يعتقد تظهر على الوجوه، وما دام مسؤولا فعليه ان يلتقط علامات الرضا والسخط من عيون ووجوه محدثيه، احيانا يحدثنا هولاند ان الناس كانوا يتظاهرون بعدم رؤيته، وفي احيان اخرى كانوا «يسرعون الخطى في شراء حاجياتهم كما لو انهم يستدعون لامر طارئ في البيت»، وفي النهاية كان يفهم رسالتهم اليه.
 ما حدث معي هو سلوك الفرنسي الغاضب نفسه من هولاند، لعدم قيامه باصلاحات تغير حياة الفرنسيين، ومع الفارق الكبير بيننا وبين الفرنسيين في كل شيء، الا أن نظرة الرفض والتجاهل كما اظن ستظل واحدة في كل مكان وكل زمان، كانت نظرتي في الواقع تخفي مشاعر غضب وكره لكل فاسد لم يقدم لنا خدمة حقيقية ايام توليه للمسؤولية، وسيرافقني غضب الرفض هذا ولن يتوقف، انا أحترق غضبا.