عماد جاسم
شعوب ومجتمعات عانت انهيارات بسبب حماقات الكبار وغباء ساستها، اجتهد مثقفوها في اعادة ترميم أنفسهم بالعودة الى الاهتمام بالاطفال، بعد أن تيقنوا من استحالة ترميم الحاضر، بعد كمٍ الأمراض والضغوطات وحجم الكراهية المتبادلة وذلك التصدع الأيديولوجي ووهم التقديس المزعوم الذي يعطل العقول، ترى ألا نحتاج اليوم للاعتراف بأن الاصلاح الجذري في القيم السائدة، بات في حكم المستحيل، وان اخر ما تبقى من رهان هو التعويل على تغيير نمط التعامل مع أطفالنا وخلق بيئة صحية لينموا على فضائل التعاون وحب الاخرين والوطن وتعريفهم حقوقهم وواجباتهم وترسيخ مبادئ التضامن الانساني، بعيدا عن الهويات الفرعية واحترام القانون؟، مع التأكيد على وضع تشريعات ضامنة لحقوق الاطفال وتحصين عوالمهم بقوانين تردع المتاجرين بهم او توقف جرائم اهدار كرامتهم، وقتل مستقبلهم بأفعال متوحشة ومشينة في ظل افتقار منظومة القوانين الراعية لحقوق الأطفال والمراهقين، او غياب آليات المراقبة الفاعلة لتنفيذ الكثير منها، والتي باتت في عداد الشكليات، بعد ان امسى الاب او ولي الامر هو الامر الناهي بعيدا عن سلطة الدولة او خيمة الحكومة، التي لابد لها ان تكون راعية وجادة للفئات الضعيفة.
نقول هذا ونحن نتابع العديد من جرائم الاغتصاب او الاجبار على التسول او الزيجات المبكرة جدا، بعيدا عن حكم القضاء، ومؤخرا انتشرت صور وتعليقات عن جريمة اغتصاب طفلة وجدت مقتولة ومعلقة في البصرة وقبلها جرائم مماثلة لعمليات تعذيب لأطفال في بعض المحافظات ومنها بغداد، رافق ذلك صيحات استهجان انفعاعلية لا ترتقي الى ضرورة العمل للتضامني والمدني المرتبط بخطط التفاعل المنتج، من اجل تفعيل تشريعات تحد من ارتفاع نسب هذه الجرائم وتقلل من وحشية الكبار، وفي هذا الاطار كانت لنا جولات في مدن العالم للتعرف على تجارب النهوض بوعي الطفل ومنحه فرصة المشاركة في تربية الشعوب، فقد بات الطفل عندهم هو من يسهم في وضع تشريعات ضامنة له ويتثقف في امكانية تحسين البيئة التشريعية، ومن ثم يكون رافدا في بناء ركائز الحياة المدنية العادلة من خلال وعي متجدد وقادر على مناقشة الكبار في قضايا تهمه، بل وتخلق روحا من الانسجام والتفاهم المتبادل بين الاجيال، وتتجه مؤسسات غربية لوضع الطفل مربي من نوع خاص، فهو قديس غير ملوث برغبات وتطلعات الكبار، غير ملوث بالزيف الكاذب للتدين الوهمي او تمجيد الذات، ما الضير في إطلاق صرخة استغاثة للقول:
انقذوا اطفالنا، هيئوا لهم مستقبلا اكثر أمانا بعد ان فشلنا في ان نعيش حاضرا مترعا بالصدق والتفوق والوئام، لماذا لا نسارع في تنظيم حملة حقيقية لدعم حقوق الطفل وفق رؤية عملية وحضارية، حملة تستند الى مراكز بحثية، ومساهمة ناشطين يتجاوزون صعوبات العمل مع وزارة التربية! يفتحون أفق التعاون مع المجتمع المدني، من خلال اعادة النظر بالمناهج و تدريب الملاكات التعليمية و ترسيخ العمل الاعلامي والدراومي، حث الدولة على وضع اولوية الطفولة في كل المشاريع والتشريعات، انها دعوة صادقة، ان نبدأ بعقد لقاءات وكتابة مقترحات وتوصيات بحملة نقترح تسميتها
"إنقاذ طفولتنا".